باب منه و في بعد أبواب جهنم بعضها عن بعض و ما أعد الله تعالى فيها من العذاب
 
ذكر عن بعض أهل العلم في قول الله تعالى : لكل باب منهم جزء مقسوم قال : من الكفار و المنافقين و الشياطين و بين الباب و الباب خمسمائة عام .
فالباب الأول : يسمى جهنم لأنه يتجهم في وجوه الرجال و النساء فيأكل لحومهم و هو أهون عذاباً من غيره .
و الباب الثاني : يقال له لظى نزاعة للشوى . يقول أكله اليدان و الرجلان . تدعو من أدبر عن التوحيد و تولى عما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم .
و الباب الثالث : يقال له سقر ، و إنما سمي سقر لأنه يأكل اللحم دون العظم .
الباب الرابع : يقال لها الحطمة ، فقال قال الله تعالى : و ما أدراك ما الحطمة * نار الله الموقدة تحطم العظام و تحرق الأفئدة ، قال الله تعالى : التي تطلع على الأفئدة تأخذه النار من قدميه و تطلع على فؤاده و ترمي بشرر كالقصر ، كما قال تعالى : إنها ترمي بشرر كالقصر * كأنه جمالة صفر الآية يعني سوداً فتطلع الشرر إلى السماء ثم تنزل فتحرق وجوههم و أيديهم و أبدانهم فيبكون الدمع حتى ينفد ، ثم يبكون الدماء ، ثم يبكون القيح حتى ينفد القيح حتى لو أن السفن أرسلت تجري فيما خرج من أعينهم لجرت .
و الباب الخامس : يقال له الجحيم ، و إنما سمي جحيماً لأنه عظيم الجمرة ، الجمرة الواحدة أعظم من الدنيا .
و الباب السادس : يقال له السعير ، و إنما سمي السعير لأنه يسعر بهم و لم يطف منذ خلق فيه ثلاثمائة قصر ، في كل قصر ثلاثمائة بيت ، في كل بيت ثلاثمائة لون من العذاب ، و فيه الحيات و العقارب و القيود و السلاسل و الأغلال ، و فيه جب الحزن ليس في النار عذاب أشد منه إذا فتح باب الجب حزن أهل النار حزناً شديداً .
و الباب السابع : يقال له الهاوية من وقع فيه لم يخرج منه أبداً ، و فيه بئر الهبهاب و ذلك قوله تعالى : كلما خبت زدناهم سعيراً إذا فتح الهبهاب يخرج منه نار تستعيذ منه النار ، و فيه الذين قال الله تعالى : سأرهقه صعوداً أو هو جبل من نار يوضع أعداء الله على وجوههم على ذلك الجبل مغلولة أيديهم إلى أعناقهم مجموعة أعناقهم إلى أقدامهم ، و الزبانية وقوف على رؤوسهم بأيديهم مقامع من حديد إذا ضرب أحدهم بالمقمعة ضربة سمع صوتها الثقلان .
و أبواب النار : حديد . فرشها الشوك غشاوتها الظلمة أرضها نحاس و رصاص و زجاج . النار من فوقهم و النار من تحتهم لهم من فوقهم ظلل من النار و من تحتهم ظلل ، أوقد عليها ألف عام حتى احمرت و ألف عام حتى ابيضت و ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة مدلهمة مظلمة قد مزجت بغضب الله . ذكره القتبي في عيون الأخبار .
و ذكر ابن عباس أن جهنم سوداء مظلمة لا ضوء لها و لا لهب ، و هي كما قال الله تعالى لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم على كل باب سبعون ألف جبل ، في كل جبل سبعون ألف شعب من النار ، في كل شعب سبعون ألف شق من النار ، في كل شق سبعون ألف واد ، في كل واد سبعون ألف قصر من نار ، في كل قصر سبعون ألف بيت من نار ، في كل بيت سبعون ألف قلة من سم ، فإذا كان يوم القيامة كشف عنها الغطاء فيطير منها سرادق عن يمين الناس و آخر عن شمالهم ، و سرادق أمامهم ، و سرادق فوقهم و آخر من ورائهم ، فإذا نظر الثقلان إلى ذلك جثوا على ركبهم و كل ينادي رب سلم رب سلم .
و قال وهب بن منبه : بين كل بابين مسيرة سبعين سنة كل باب أشد حراً من الذي فوقه بسبعين ضعفاً ، و يقال ، إن لجهنم سبعة أبواب لكل باب منها سبعون وادياً قعر كل واد منها سبعون عام ، لكل واد منها سبعون ألف شعب في كل شعب منها سبعون ألف مغارة ، في جوف كل مغارة سبعون ألف شق ، في كل شق منها سبعون ألف ثعبان ، في شدق كل ثعبان سبعون ألف عقرب ، لكل عقرب منها سبعون ألف فقارة ، في كل فقارة منها قلة سم لا ينتهي الكافر و لا المنافق حتى يواقع ذلك كله . ذكره ابن وهب في كتاب الأهوال له ، و مثله لا يقال من جهة الرأي فهو توقف لأنه إخبار عن مغيب ، و الله تعالى أعلم .