باب ما جاء في شدة عذاب أهل المعاصي و إذا يتهم أهل النار بذلك
 
مسلم عن عبد الله بن مسعود قال . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أشد عذاباً يوم القيامة المصورون ، و ذكره قاسم بن أصبغ من حديث عبد الله بن مسعود أيضاً . قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتل نبياً أو قتله نبي ، أو مصور يصدر التماثيل .
و ذكر أو عمر بن عبد البر و ابن ماجه و ابن وهب من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن من أشد عذاباً يوم القيامة عالماً لم ينفعه الله بعلمه ، إسناده فيه عثمان بن مقسم البزي لم يرفعه غيره . و هو ضعيف عند أهل الحديث ، معتزلي المذهب ، ليس حديثه بشيء ، قاله أبو عمر .
و ذكر ابن وهب قال : حدثنا ابن زيد قال : يقال إنه ليؤذي أهل النار نتن فروج الزناة يوم القيامة .
ابن المبارك ، قال : أخبرنا موسى بن علي بن رباح قال : سمعت أبي يذكر عن بعض من حدث ، قال : ثلاثة قد آذوا أهل النار ـ و كل أهل النار في أذى ـ : رجال مغلقة عليهم توابيت من نار و هم في أصل الجحيم فيضجون حتى تعلوأصواتهم أهل النار ، فيقول لهم أهل النار : ما بالكم من بين أهل النار فعل بكم هذا ؟ فقالوا : كنا متكبرين , و رجال قد شقت بطونهم يسبحون أمعاءهم في النار ، فقال لهم أهل النار : ما بالكم من بين أهل النار فعل بكم هذا ؟ قالوا : كنا نقتطع حقوق الناس بأيماننا و أمانتنا . و رجال يسعون بين الجحيم و الحميم لا يقرون ، قبل لهم : ما بالكم من بين أهل النار فعل بكم هذا ؟ قالوا : كنا نسعى بين الناس بالنميمة .
أخبرنا إسماعيل بن عياش ، حدثني تغلب بن مسلم ، عن أيوب بن بشير العجلي ، عن شقي بن مانع الأصبحي ، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى ، يسعون بين الجحيم و الحميم يدعون بالويل و الثبور ، يقول أهل النار بعضهم لبعض : ما بال هؤلاء قد آذونا على ما بنا من الأذى ؟ قال : فرجل مغلق عليه تابوت من جمر ، و رجل يجر أمعاءه ، و رجل يسيل فوه قيحاً و دماً ، و رجل يأكل لحمه . قال فيقال لصاحب التابوت : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ؟ قال فيقول : إن الأبعد مات و في عنقه أموال الناس لم يجد لها قضاء ، أو قال وفاء . ثم يقال للذي يجر أمعاءه : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ؟ قال فيقول : إن الأبعد كان لا يبالي أين أصاب البول منه ثم لا يغسله . ثم يقال للذي يسيل فوه دماً و قيحا : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ؟ قال فيقول : إن الأبعد كان ينظر في كل كلمة قذيعة خبيثة فيذيعها ، يستلذها و يستلذ الرفث بها ، ثم يقال للذي يأكل لحمه : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ؟ قال فيقول : إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس و يمشي بالنميمة .
خرجه أبو نعيم الحافظ و قال : تفرد به إسماعيل بن عباس ، و شقي مختلف فيه فقيل : له صحبة .
قلت : و قد تقدم حديث البخاري الطويل عن سمرة بن جندب ، و حديث ابن عباس و أبي هريرة و ابن مسعود في باب ما يكون منه في عذاب القبر ، و حديث أبي هريرة في الذين تسعر بهم جهنم ، و غير ذلك مما تقدم في معنى هذا الباب : فتأمل ذلك .
و قد تقدم أن من أدان أموال الناس في غير سفه و لا إسراف و لم يجد قضاء و نيته الأداء و مات أن الله لا يحسبه عن الجنة و لا يعذبه ، بل يرضى عنه خصماؤه إن شاء الله و يكون الجميع في رحمته بكرمه و فضله ، فأما من أدانها لينفقها في المعاصي ثم لا يقدر على الأداء فلعله الذي يعذب .