باب ما جاء في طعام أهل النار و شرابهم و لباسهم
 
قال الله تعالى : فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار و قال سرابيلهم من قطران و قال : إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون و قال : لا يذوقون فيها برداً أي نوماً . و لا شراباً * إلا حميماً و غساقاً * جزاء و فاقاً و قال : و إن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب و ساءت مرتفقاً و قال عز من قائل تسقى من عين آنية * ليس لهم طعام إلا من ضريع و قال فليس له اليوم هاهنا حميم * ولا طعام إلا من غسلين . قال الهروي : معناه من صديد أهل النار ، و ما ينغسل و يسيل من أبدانهم .
قلت : و هو الغساق أيضاً . و ذكر ابن المبارك : أخبرنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم و أبي رزين في قوله تعالى هذا فليذوقوه حميم و غساق قالا : ما يسيل من صديدهم ، و قيل الغساق : القيح الغلظ المنتن .
و ذكر ابن وهب ، عن عبد الله بن عمر ، قال الغساق : القيح الغلظ ، لو أن قطرة منه تهراق في المغرب أنتنت أهل المشرق و لو أنها تهراق في المشرق أنتنت أهل المغرب و قيل : الغساق الذي لا يستطيع من شدة برده ، و هو الزمهرير .
و قال كعب : الغساق عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة فستنفع ، و يؤتى بالآدمي فيغمس فيها غمسة فيسقط جلده و لحمه عن العظام ، فيجر لحمه في كعبيه كما يجر الرجل ثوبه . و قوله جزاء وفاقاً أي وافق أعمالهم الخبيثة .
و اختلف في الضريع فقيل : هو النبت ينبت في الربيع ، فإذا كان في الصيف يبس ، و اسمه إذا كان عليه ورقة شبرق ، و إذا تساقط ورقه فهو الضريع ، فالإبل تأكله أخضر ، فإذا يبس لم تذقه ، و قيل : هو حجارة ، و قيل الزقوم واد في جهنم .
و قال المفسرون : إن شجرة الزقوم أصلها في الباب السادس و أنها تحيا بلهب النار كما تحيا الشجرة ببرد الماء ، فلا بد لأهل النار من أن يتحدر إليها من كان فوقها فيأكلون منها .
و قال أبو عمران الجوني في قوله تعالى إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون قال بلغنا أن ابن آدم لا ينهش منها نهشة إلا نهشت منه مثلها . و المهل ما كان ذائباً من الفضة و النحاس ، و قيل المهل عكر الزيت الشديد السواد ، و قوله تعالى يغلي في البطون * كغلي الحميم يعني الماء الشديد الحر .