باب منه ـ و ذكر الرجل الذي ينادي : يا حنان يا منان ، و بيان قوله تعالى فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون . على الأرائك ينظرون . هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون
 
ذكر ابن المبارك قال : أخبرنا الكلبي عن أبي صالح في قوله تعالى : الله يستهزئ بهم قال : يقال لأهل النار و هم في النار : اخرجوا ، فتفتح لهم أبواب النار ، فإذا انتهوا إلى أبوابهم أغلقت دونهم ، فذلك قوله عز و جل الله يستهزئ بهم و يضحك منهم المؤمنون حين غلقت دونهم ، فذلك قوله عز و جل فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الأرائك ينظرون * هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون .
قال ابن المبارك و أخبرنا محمد بن بشار عن قتادة في قوله تعالى فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون قال : ذكر لنا أن كعباً كان يقول : إن الجنة و النار كوى فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو له في الدنيا أطلع من بعض الكوى ، قال الله سبحانه و تعالى في آية أخرى فاطلع فرآه في سواء الجحيم قال : ذكر لنا أنه يطلع فيرى جماجم القوم تغلي .
أخبرنا معمر عن قتادة قال : قال بعض العلماء : لولا أن الله عز و جل عرفه إياه ما عرفه ، لقد تغير حبره و سبره ، فعند ذلك يقول : تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين في النار .
و الحبر و السبر : اللون و الهيئة . من قولهم : جاءت الإبل حسنة الأحبار و الأسبار ، قاله الفراء . و قال الأصمعي : هو البهاء و الجمال و أثر النعمة ، يقال فلان حسن الحبر و السبر ، إذا كان جميلاً حسن الهيئة . قال ابن أحمد :
لبسنا حبرة حتى اقتضينا لآجال و أعمار قضينا
و يقال أيضاً : فلان حسن الحبر و السبر بالفتح ، و هذا كله مصدر قولك : حبرته تحبيراً . و الأول اسم ، و تحبير الخط و الشعر و غيرهما تحسبينه و تزيينه .