باب ما جاء في درج الجنة و ما يحصلها للمؤمن
 
الترمذي رحمه الله ، عن عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : الجنة مائة درجة ، كل درجة منها ما بين السماء و الأرض و إن أعلاها الفردوس و أوسطها الفردوس و إن العرش على الفردوس ، منها تفجر أنهار الجنة ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس قال الترمذي : عطاء هذا لم يدرك معاذ بن جبل .
قلت : قد خرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه كما تقدم ، فهو صحيح متصل .
و ذكر ابن وهب قال : أخبرني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم أنه سمع عتبة بن عبيد الضبي يذكر عمن حدثه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه و سلم ، فقال يا رسول الله : كم في الجنة من درجة ؟ قال : مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء و الأرض أول درجة منها دورها و بيوتها و أبوابها و سررها ، و مغاليقها من فضة ، و الدرجة الثانية دورها و بيوتها و أبوابها و سررها و مغاليقها من ذهب ، و الدرجة الثالثة دورها و بيوتها و أبوابها و سررها ، و مغاليقها من ياقوت و لؤلؤ و زبرجد ، و سبع و تسعون درجة لا يعلم ما هي إلا الله .
الترمذي عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن الجنة مائة درجة لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم ، قال : هذا حديث غريب .
ابن ماجه ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ و اصعد ، فيقرأ و يصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه .
و خرجه أبو داود ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يقال لصاحب القرآن اقرأ و ارتق و رتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها .
و ذكر أبو حفص عمر بن عبد المجيد القرشي الميانشي في كتاب الاختبار في اللح من الأخبار و الآثار عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : درج الجنة على عدد آي القرآن ، لكل آية درجة . فتلك ستة آلاف و مائتا آية و ستة عشر آية ، بين كل درجتين مقدار ما بين السماء و الأرض ، و ينتهى به إلى أعلى عليين ، لها سبعون ألف ركن وهي ياقوتة تضيء مسيرة أيام و ليالي . و قالت عائشة رضي الله عنها : إن عدد آي القرآن على عدد درج الجنة ، فليس أحد دخل الجنة أفضل ممن قرأ القرآن . ذكره مكى رحمه الله .
فصل : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : حملة القرآن وقراؤه هم العالمون بأحكامه و بحلاله و حرامه و العاملون بما فيه . و قال مالك : قد يقرأ القرآن من لا خير فيه ، و قد تقدم حديث العباس بن عبد المطلب في أبواب النار ، و حديث أبي هريرة فيمن تعلم العلم و قرأ القرآن عجباً و رياء ، ما فيه لمن كفاية لمن تدبر .
و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من تعلم القرآن و علمه و لم يأخذ بما فيه و حرفه كان عليه شهيداً و دليلاً إلى جهنم ، و من تعلم القرآن و أخذ بما فيه كان له شهيداً و دليلاً إلى الجنة .
و في البخاري : مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن و يعمل به كلأترجة ، طعمها طيب و ريحها طيب ، و المؤمن الذي لا يقرأ القرآن و يعمل به كالثمرة طعمها طيب و لا ريح لها ، و ذكر الحديث . و قد أشبعنا القول فيه في قارئ القرآن و أحكامه في كتاب التذكار في فضل الأذكار و في مقدمة : جامع أحكام القرآن ما فيه كفاية و الحمد لله . و قد تقدم : أن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله فالجهاد يحصل مائة درجة ، و قراءة القرآن تحصل جميع الدرجات ، و الله المستعان على ذلك و الإخلاص فيه بمنه و فضله.


الموضوع السابق


باب منه