باب ما جاء أن المهدي يملك جبل الديلم و القسطنطينية و يستفتح رومية و أنطاكية و كنيسة الذهب و بيان قوله تعالى فإذا جاء وعد أولاهما الآية
 
ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوله عز و جل حتى يملك رجل من أهل بيتي جبل الديلم و القسطنطينة إسناده صحيح .
و روى من حديث حذيفة عن النبي و فيه بعد قوله ذلك لهم خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم ، ثم إن المهدي و من معه من المسلمين يأتون إلى مدينة أنطاكية و هي مدينة عظيمة على البحر ، فيكبرون عليها ثلاثة تكبيرات فيقع سورها من البحر بقدرة الله عز و جل ، فيقتلون الرجال و يسبون النساء و الأطفال ، و يأخذون الأموال ثم يملك المهدي أنطاكية ، و يبني فيها المساجد و يعمر عمارة أهل الإسلام ، ثم يسيرون إلى الرومية و القسطنطينية و كنيسة الذهب ، فيقتحمون القسطنطينية و رومية و يقتلون بها أربعمائة ألف مقاتل ، و يفتضون بها سبعين ألف بكر ، و يستفتحون المدائن و الحصون و يأخذون الأموال ، و يقتلون الرجال و يسبون النساء و الأطفال و يأتون كنيسة الذهب فيجدون فيها الأموال التي كان المهدي أخذها أول مرة ، و هذه الأموال هي التي أودع فيها ملك الروم قيصر حين غزا بيت المقدس ، فوجد في بيت المقدس هذه الأموال فأخذها و احتملها على سبعين ألف عجلة إلى كنيسة الذهب بأسرها كاملة ، كما أخذها ما نقص منها شيئاً فيأخذ المهدي تلك الأموال فيردها إلى بيت المقدس ، قال حذيفة قلت يا رسول الله . لقد كان بيت المقدس عند الله عظيماً جسيم الخطر عظيم القدر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هو من أجل البيوت ابنتاه الله لسيمان بن داود عليهما السلام من ذهب و فضة و در و ياقوت و زمرد ، و ذلك أن سليمان بن داود سخر الله له الجن فأتوه بالذهب و الفصة من المعادن ، و أتوه بالجواهر و الياقوت و الزمرد من البحار يغوصون كما قال الله تعالى كل بناء و غواص فلما أتوه بهذه الأصناف بناه منها ، فجعل فيه بلاطاً من ذهب و بلاطاً من فضة ، و أعمدة من ذهب ، و أعمدة من فضة و زينه بالدر و الياقوت و الزمرد ، و سخر الله تعالى له الجن حتى بنوه من هذه الأصناف . قال حذيفة : فقلت يا رسول الله و كيف أخذت هذه الأشياء من بيت المقدس ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن بني إسرائيل لما عصوا و قتلوا الأنبياء سلط الله عليهم بخت نصر و هو من المجوس فكان ملكه سبعمائة سنة و هو قوله تعالى فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار و كان وعداً مفعولاً فدخلوا بيت المقدس و قتلوا الرجال و سبوا النساء و الأطفال و أخذوا الأموال و جميع ما كان في بيت المقدس من هذه الأصناف ، و احتملوها على سبعين ألف عجلة حتى أودعوها
أرض بابل ، و أقاموا يستخدمون بني إسرائيل و يستملكونهم بالخزي و العقاب و النكال مائة عام ، ثم إن الله عز و جل رحمهم فأوحى الله إلى ملك من ملوك فارس أن يسير إلى المجوس في أرض بابل يستنقذ ما في أيديهم من بني إسرائيل ، فسار إليهم ذلك الملك حتى ذلك أرض بابل ، فاستنقذ من بقي من بني إسرائيل من أيدي المجوس و استنقذ ذلك الحلى الذي كان في بيت المقدس ورده إليه كما كان أول مرة ، و قال لهم يا بني إسرائيل : إن عدتم إلى المعاصي عدنا عليكم بالسبي و القتل ، و هو قوله تعالى عسى ربكم أن يرحمكم و إن عدتم عدنا يعني إن عدتم إلى المعاصي عدنا عليكم بالعقوبة ، فلما رجعت بنو إسرائيل إلى بيت المقدس عادوا إلى المعاصي ، فسلط الله عليهم ملك الروم قيصر و هو قوله تعالى : فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا فغزاهم في البر و البحر فسبقهم و قتلهم و أخذ أموالهم و نساءهم و أخذ حلى جميع بيت المقدس ، و احتمله على سبعين ألف عجلة حتى أودعه كنيسة الذهب فهو فيها إلى الآن حتى يأخذه المهدي و يرده إلى بيت المقدس ، و يكون المسلمون ظاهرين على أهل الشرك ، فعند ذلك يرسل الله عليهم ملك الروم و هو الخامس من آل هرقل على ما تقدم من تمام الحديث ، و الله أعلم .