باب قول النبي صلى الله عليه و سلم : بعثت أنا و الساعة كهاتين
 
مسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم بعثت أنا و الساعة كهاتين و ضم السبابة و الوسطى .
و روي من طرق أخرجها البخاري ، و مسلم ، و الترمذي ، و ابن ماجه رضي الله عنهم . و معناها كلها على اختلاف ألفاظها تقريب من الساعة التي هي القيامة و سرعة مجيئها و هذا كما حدثنا الله تعالى فقد جاء أشراطها و قوله و ما أمر الساعة إلا كلمح البصر و قوله تعالى :
اقترب للناس حسابهم و قوله تعالى : اقتربت الساعة و انشق القمر و قال : أتى أمر الله فلا تستعجلوه .
و يروي أن النبي صلى الله عليه و سلم لما أنزل عليه قوله تعالى أتى أمر الله وثب فلما أنزل تستعجلوه جلس . قال بعض العلماء إنما وثب عليه الصلاة و السلام خوفاً منه أن تكون الساعة قد قامت ، و قام الضحاك و الحسن : أول أشرطها محمد صلى الله عليه و سلم و روى موسى ابن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال علي عليه السلام : من اقتراب الساعة ظهور البواسير و موت الفجاءة .
فصل
إن قيل ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم سأل جبريل عن الساعة فقال : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل الحديث فهذا يدل على أنه لم يكن عنده علم و رويتم عنه أنه قال بعثت أنا و الساعة كهاتين و هذا يدل على أنه كان عالماً فكيف يتألف الخبران ؟ قيل له قد نطق القرآن بقوله الحق قل إنما علمها عند ربي الآية فلم يكن يعلمها هو و لا غيره ، و أما قوله بعثت أنا و الساعة كهاتين فمعناه أنا النبي الأخير فلا يليني نبي آخر ، و إنما تليني القيامة كما تلي السبابة الوسطى و ليس بينهما أصبع أخرى ، و هذا لا يوجب أن يكون له علم بالساعة نفسها و هي مع ذلك كائنة لأن أشراطها متتابعة ، و قد ذكر الله الأشراط في القرآن فقال فقد جاء أشراطها أي دنت ، و أولها النبي صلى الله عليه و سلم لأنه نبي آخر الزمان ، و قد بعث و ليس بيني و بين القيامة نبي ثم بين صلى الله عليه و سلم ما يليه من الأشراط ، فقال : أن تلد الأمة ربتها إلى غير ذلك مما سنذكره و نبينه بحول الله تعالى في أبواب إن شاء الله تعالى .