باب منه
 
ذكر الخطيب أبو بكر أحمد بن علي ، عن عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي قال : أنبأنا مالك بن أنس ، عن نافع بن عمر قال : كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص و هو بالقادسية أن وجه نضلة أبا معاوية الأنصاري إلى حلوان العراق فليغيروا على ضواحيها قال : فوجه سعد نضلة في ثلاثمائة فارس فخرجوا حتى أتوا حلوان العراق ، فأغاروا على ضواحيها فأصابوا غنيمة و سبياً ، فأقبلوا يسرقون الغنيمة و السبي حتى رهقهم العصر و كادت الشمس أن تؤوب ، قال : فألجأ نضلة الغنيمة و السبي إلى سفح الجبل ، ثم قال : فأذن فقال : الله أكبر فإذا مجيب من الجبل يجيب كبرت تكبيراً يا نضلة ، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال كلمة الإخلاص يا نضلة ، قال أشهد أن محمداً رسول الله قال : هذا النذير و هو الذي بشر به عيسى عليه السلام و على رأس أمته تقوم القيامة ، قال حي على الصلاة قال : طوبى لمن مشى إليها و واظب عليها ، قال حي على الفلاح قال : أفلح من أجاب محمداً صلى الله عليه و سلم و هو البقاء لأمة محمد صلى الله عليه و سلم ، قال الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله قال : أخلصت الإخلاص كله يا نضلة فحرم الله بها جسدك على النار ، فلما فرغ من أذانه قمنا فقلنا له : من أنت يرحمك الله ، أملك أنت أم ساكن من الجن أم طائف من عباد الله ؟ أسمعنا صوتك فأرنا شخصك فإنا وفد الله و وفد رسوله و وفد عمر بن الخطاب ، قال : فانفلق الجبل عن هامة كالرحاء أبيض الرأس و اللحية ، و عليه طمران من صوف فقال : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، قلنا : و عليك السلام و رحمته و بركاته من أنت يرحمك الله ؟ قال : أنا زرنب بن برثملا وصي العبد الصالح عيسى بن مريم أسكنني هذا الجبل ، و دعا لي بطول البقاء إلى نزوله من السماء ، فيقتل الخنزير و يكسر الصليب و يتبرأ مما نحلته النصارى ، فأما إذا فاتني لقاء محمد صلى الله عليه و سلم فأقرئوا عمر مني السلام و قولوا له يا عمر : سدد و قارب فقد دنا الأمر ، و أخبروه بهذه الخصال التي أخبركم بها إذا ظهرت هذه الخصال في أمة محمد صلى الله عليه و سلم الهرب فالهرب : إذا استغنى الرجال بالرجال و النساء بالنساء و انتسبوا في غير مناسبهم و انتموا إلى غير مواليهم ، و لم يرحم كبيرهم صغيرهم و لم يوقر صغيرهم كبيرهم ، و ترك المعروف فلم يؤمر به و ترك المنكر فلم ينه عنه ، و تعلم عالمهم العلم ليجلب به الدراهم و الدنانير ، و كان المطر قيظاً ، و الولد غيظاً و طولوا المنارات و فضضوا المصاحف و شيدوا البناء و اتبعوا الشهوات و باعوا الدين بالدنيا ، و استخفوا بالدماء و قطعت الأرحام و بيع الحكم و أكل الربا و صار الغني عز و خرج الرجل من بيته فقام إليه من هو خير منه فسلم عليه ، و ركبت النساء السروج ، ثم غاب عنا قال : فكتب بذلك نضلة إلى سعد فكتب سعد إلى عمر و كتب عمر إلى سعد يا سعد : لله أبوك سر أنت و من معك من المهاجرين و الأنصار حتى تنزلوا هذا الجبل فإن لقيته فأقرئه مني السلام ، فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم أخبرنا أن بعض أوصياء عيسى بن مريم نزل ذلك الجبل ناحية العراق ، قال : فخرج سعد في أربعة آلاف من المهاجرين و الأنصار حتى نزل ذلك الجبل فأقام أربعين يوماً ينادي بالأذان في كل وقت صلاة فلا جواب .
قال الخطيب : تابع إبراهيم بن رجاء أبو موسى عبد الرحمن الراسبي على رواية عن مالك و ليس بثابت من حديثه .


الموضوع التالي


باب منه آخر

الموضوع السابق


باب منه