المعرب و المبني :المثنى
 
بالألف ارفع المثنى وكلا   إذا بمضمر مضافا وصلا(1)

__________

= فتقول:
محمد ذو علم، وخالد ذو مال، وبكر ذو فضل، وعلى ذو جاه، وما أشبه ذلك لان هذه الاشياء لا يوصف بها إلا بواسطة شئ، ألا ترى أنك لا تقول
" محمد فضل " إلا بواسطة تأويل المصدر بالمشتق، أو بواسطة تقدير مضاف، أو بواسطة قصد المبالغة، فأما الاسماء التي يمتنع أن تكون نعتا - وذلك الضمير والعلم - فلا يضاف " ذو " ولا مثناه ولا جمعه إلى شئ منها، وشذ قول كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني الذي سبق إنشاده:
صبحنا الخزرجية مرهفات أبار ذوي أرومتها ذووها

كما شذ قول الآخر:
إنما يعرف ذا الفضل من الناس ذووه وشذ كذلك ما أنشده الاصمعي قال:
أنشدني أعرابي من بني تميم ثم من بني حنظلة لنفسه:
أهنأ المعروف ما لم تبتذل فيه الوجوه إنما يصطنع المعروف في الناس ذووه وإن كان اسم أو ما يقوم مقامه مما يصح أن يكون نعتا بغير حاجة إلى شئ - وذلك الاسم المشتق والجملة - لم يصح إضافة " ذو " إليه، وندر نحو قولهم:
اذهب بذي تسلم، والمعنى:
اذهب بطريق ذي سلامة، فتلخص أن
" ذو " لا تضاف إلى واحد من أربعة أشياء:
العلم، والضمير، والمشتق، والجملة، وأنها تضاف إلى اسم الجنس الجامد، سواء أكان مصدرا أم لم يكن.

(1) " بالالف " جار ومجرور متعلق بارفع التالي " ارفع " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " المثنى " مفعول به لا رفع، منصوب بفتحة مقدرة على الالف " وكلا " معطوف على المثنى " إذا " ظرف لما يستقبل من الزمان " بمضمر " جار ومجرور متعلق بوصل الآتي " مضافا " حال من الضمير المستتر في وصل " وصلا " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل جر بإضافة إذا إليها، وجواب إذا محذوف، والتقدير:
إذا وصل كلا بالضمير حال كون كلا مضافا إلى ذلك الضمير فارفعه بالالف.
كلتا كذاك اثنان واثنتان   كابنين وابنتين يجريان
(1)

وتخلف الياء في جميعها الألف   جرا ونصبا بعد فتح قد ألف (2)

ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن مما تنوب فيه الحروف عن الحركات الأسماء الستة وقد تقدم الكلام عليها ثم ذكر المثنى وهو مما يعرب بالحروف وحده لفظ دال على اثنين بزيادة في آخره صالح للتجريد وعطف مثله عليه فيدخل في قولنا لفظ دال على اثنين المثنى نحو الزيدان والألفاظ الموضوعة لاثنين نحو شفع وخرج بقولنا (3) بزيادة نحو

__________

(1) " كلنا " مبتدأ " كذاك " الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر، والكاف حرف خطاب " اثنان " مبتدأ " واثنتان " معطوف عليه " كابنين " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير الذي هو ألف الاثنين في قوله يجريان الآتي " وابنتين " معطوف على ابنين " يجريان " فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، وألف الاثنين فاعل، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ وما عطف عليه.

(2) " وتخلف " فعل مضارع " اليا " فاعله " في جميعها " الجار والمجرور متعلق بتخلف، وجميع مضاف والضمير مضاف إليه " الالف " مفعول به لتخلف " جرا " مفعول لاجله " ونصبا " معطوف عليه " بعد " ظرف متعلق بتخلف، وبعد مضاف و" فتح " مضاف إليه " قد " حرف تحقيق " ألف " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على فتح، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل جر نعت لفتح.

(3) وخرج بقوله " دال على اثنين " الاسم الذي تكون في آخره زيادة المثنى وهو مع ذلك لا يدل على اثنين، وإنما يدل على واحد أو على ثلاثة فصاعدا، فأما ما يدل على الواحد مع هذه الزيادة فمثاله من الصفات:
رجلان، وشبعان، وجوعان، وسكران وندمان، ومثاله من الاعلام، عثمان، وعفان، وحسان، وما أشبه ذلك، وأما ما يدل على الثلاثة فصاعدا فمثاله:
صنوان، وغلمان، وصردان، ورغفان، وجرذان وإعراب هذين النوعين بحركات ظاهرة على النون، والالف ملازمة لها في كل حال، لانها نون الصيغة، وليست النون القائمة مقام التنوين.
شفع وخرج بقولنا صالح للتجريد نحو اثنان فإنه لا يصلح لإسقاط

الزيادة منه فلا تقول اثن وخرج بقولنا وعطف مثله عليه ما صلح للتجريد وعطف غيره عليه كالقمرين(1) فإنه صالح للتجريد فتقول قمر ولكن يعطف عليه مغايره لأمثله نحو قمر وشمس وهو المقصود بقولهم القمرين وأشار المصنف بقوله بالألف ارفع المثنى وكلا إلى أن المثنى يرفع بالألف وكذلك شبه المثنى وهو كل ما لا يصدق عليه حد المثنى وأشار إليه المصنف بقوله وكلا فما لا يصدق عليه حد المثنى مما دل على اثنين بزيادة أو شبهها فهو ملحق بالمثنى فكلا وكلتا واثنان واثنتان ملحقة بالمثنى لأنها لا يصدق عليها حد المثنى ولكن لا يلحق كلا وكلتا بالمثنى إلا إذا أضيفا إلى مضمر نحو جاءني كلاهما ورأيت كليهما ومررت بكليهما وجاءتني كلتاهما ورأيت كلتيهما ومررت بكلتيهما فإن أضيفا إلى ظاهر كانا بالألف رفعا ونصبا وجرا نحو جاءني كلا الرجلين وكلتا المرأتين ورأيت كلا الرجلين وكلتا المرأتين ومررت بكلا الرجلين وكلتا المرأتين فلهذا قال المصنف وكلا إذا بمضمر مضافا وصلا.(2)

__________

(1) هذا الذي ذكره الشارح تبعا للناظم - من أن لكلا وكلنا حالتين:
حالة يعاملان فيها معاملة المثنى، وحالة يعاملان فيها معاملة المفرد المقصور، فيكونان بالالف في الاحوال الثلاثة كالفتى والعصا - هو مشهور لغة العرب، والسر فيه - على ما ذهب إليه نحاة البصرة - أن كلا وكلتا لفظهما لفظ المفرد ومعناهما معنى المثنى، فكان لهما شبهان شبه بالمفرد من جهة اللفظ، وشبه بالمثنى من جهة المعنى، فأخذا حكم المفرد تارة وحكم المثنى تارة أخرى، حتى يكون لكل شبه حظ، في الاعراب.

وفي إعادة الضمير عليهما أيضا.

ومن العرب من يعاملهما معاملة المقصور في كل حال، فيغلب جانب اللفظ، وعليه جاء قول الشاعر: =

ثم بين أن اثنين واثنتين يجريان مجرى ابنين وابنتين فاثنان واثنتان ملحقان بالمثنى كما تقدم وابنان وابنتان مثنى حقيقة ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن الياء تخلف الألف في المثنى والملحق به في حالتي الجر والنصب وأن ما قبلها لا يكون إلا مفتوحا نحو رأيت الزيدين كليهما ومررت بالزيدين كليهما واحترز بذلك عن ياء الجمع فإن ما قبلها لا يكون إلا مكسورا نحو مررت بالزيدين وسيأتي ذلك وحاصل ما ذكره أن المثنى وما ألحق به يرفع بالألف وينصب ويجر بالياء وهذا هو المشهور والصحيح أن الإعراب في المثنى والملحق به بحركة مقدرة على الألف رفعا والياء نصبا وجرا.
وما ذكره المصنف من أن المثنى والملحق به يكونان بالألف رفعا والياء نصبا وجرا هو المشهور في لغة العرب ومن العرب (1) من يجعل المثنى

والملحق به

__________

= نعم الفتى عمدت إليه مطيتي في حين جد بنا المسير كلانا ومحل الشاهد في قوله " كلانا " فإنه توكيد للضمير المجرور محلا بالباء في قوله " بنا " وهو مع ذلك مضاف إلى الضمير، وقد جاء به بالالف في حالة الجر.

وقد جمع في عود الضمير عليهما بين مراعاة اللفظ والمعنى الاسود بن يعفر في قوله:
إن المنية والحتوف كلاهما يوفي المخارم يرقبان سوادي

فتراه قال " يوفي المخارم " بالافراد، ثم قال " يرقبان " بالتثنية، فأما الاعراب فإن جعلت " كلاهما " توكيدا كان كإعراب المقصور، ولكن ذلك ليس بمتعين، بل يجوز أن يكون " كلاهما " مبتدأ خبره جملة المضارع بعده، وجملة المبتدأ وخبره في محل رفع خبر إن، وعلى هذا يكون اللفظ كإعراب المثنى جاريا على اللغة الفصحى.

(1) هذه لغة كنانة وبني الحارث بن كعب وبني العنبر وبني هجيم وبطون من ربيعة =
بالألف مطلقا رفعا ونصبا وجرا فيقول جاء الزيدان كلاهما ورأيت الزيدان كلاهما ومررت بالزيدان كلاهما