فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس : ب
 

وقد اضطرب رأي الفارسي في ذلك فمرة قال لا تزاد الباء إلا بعد الحجازية ومرة قال تزاد في الخبر المنفي
وقد وردت زيادة الباء قليلا في خبر لا كقوله
(1/309)
-
-
( فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة ... بمغن فتيلا عن سواد بن قارب )
وفي خبر مضارع كان المنفية بلم كقوله 77 -
( وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن ... بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل )
(1/310)
-
( في النكرات أعملت كليس لا ... وقد تلي لات وإن ذا العملا )
(1/311)
-
( وما للات في سوى حين عمل ... وحذف ذي الرفع فشا والعكس قل )
تقدم أن الحروف العاملة عمل ليس أربعة وقد تقدم الكلام على ما وذكر هنا لا ولات وإن
أما لا فمذهب الحجازيين إعمالها عمل ليس ومذهب تميم إهمالها
(1/312)
-
ولا تعمل عند الحجازيين إلا بشروط ثلاثة
أحدها أن يكون الاسم والخبر نكرتين نحو لا رجل أفضل منك ومنه قوله 78 -
( تعز فلا شيء على الأرض باقيا ... ولا وزر مما قضى الله واقيا )
(1/313)
-
وقوله 79 -
( نصرتك إذ لا صاحب غير خاذل ... فبوئت حصنا بالكماة حصينا )
(1/314)
-
وزعم بعضهم أنها قد تعمل في المعرفة وأنشد للنابغة 80 -
( بدت فعل ذي ود فلما تبعتها ... تولت وبقت حاجتي في فؤاديا )
( وحلت سواد القلب لا أنا باغيا ... سواها ولا عن حبها متراخيا )
(1/315)
-
واختلف كلام المصنف في هذا البيت فمرة قال إنه مؤول ومرة قال إن القياس عليه سائغ
الشرط الثاني ألا يتقدم خبرها على اسمها فلا نقول لا قائما رجل
الشرط الثالث ألا ينتقض النفي بإلا فلا تقول لا رجل إلا أفضل من زيد ينصب أفضل بل يجب رفعه
ولم يتعرض المصنف لهذين الشرطين
(1/316)
-
وأما إن النافية فمذهب أكثر البصريين والفراء أنها لا تعمل شيئا ومذهب الكوفيين خلا الفراء أنها تعمل عمل ليس وقال به من البصريين أبو العباس المبرد وأبو بكر بن السراج وأبو علي الفارسي وأبو الفتح بن جنى واختاره المصنف وزعم أن في كلام سيبويه رحمه الله تعالى إشارة إلى ذلك وقد ورد السماع به قال الشاعر 81 -
( إن هو مستوليا على أحد ... إلا على أضعف المجانين )
(1/317)
-
وقال آخر 82 -
) إن المرء ميتا بانقضاء حياته ... ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا )
(1/318)
-
وذكر ابن جنى في المحتسب أن سعيد بن جبير رضي الله عنه قرأ ( إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم ) بنصب العباد
ولا يشترط في اسمها وخبرها أن يكونا نكرتين بل تعمل في النكرة والمعرفة فتقول إن رجل قائما وإن زيد القائم وإن زيد قائما
وأما لات فهي لا النافية زيدت عليها تاء التأنيث مفتوحة ومذهب الجمهور أنها تعمل عمل ليس فترفع الاسم وتنصب الخبر لكن اختصت بأنها لا يذكر معها الاسم والخبر معا بل إنما يذكر معها أحدهما والكثير في لسان العرب حذف اسمها وبقاء خبرها ومنه قوله تعالى ( ولات حين مناص ) بنصب الحين فحذف الاسم وبفي الخبر والتقدير ولات الحين حين مناص فالحين اسمها وحين مناص خبرها وقد قرىء شذوذا ( ولات حين مناص ) برفع الحين على أنه اسم لات والخبر محذوف والتقدير ولات حين مناص لهم أي ولات حين مناص كائنا لهم وهذا هو المراد بقوله وحذف ذي الرفع إلى آخر البيت
وأشار بقوله وما للات فى سوى حين عمل إلى ما ذكر سيبويه من أن
(1/319)
-
لات لا تعمل إلا في الحين واختلف الناس فيه فقال قوم المراد أنها لا تعمل إلا في لفظ الحين ولا تعمل فيما رادفه كالساعة ونحوها وقال قوم المراد أنها لا تعمل إلا في أسماء الزمان فتعمل في لفظ الحين وفيما رادفه من أسماء الزمان ومن عملها فيما رادفه قول الشاعر 83 -
( ندم البغاة ولات ساعة مندم ... والبغي مرتع مبتغيه وخيم )
(1/320)
-
وكلام المصنف محتمل للقولين وجزم بالثاني في التسهيل ومذهب الأخفش أنهالا تعمل شيئا وأنه إن وجد الاسم بعدها منصوبا فناصبه فعل مضمر والتقدير لات أرى حين مناص وإن وجد مرفوعا فهو مبتدأ والخبر محذوف والتقدير لات حين مناص كائن لهم والله أعلم
(1/321)