إن وأخواتها : أ
 

( لإن أن ليت لكن لعل ... كأن عكس مالكان من عمل )
( كإن زيدا عالم بأنى ... كفء ولكن ابنه ذو ضغن )
هذا هو القسم الثاني من الحروف الناسخة للابتداء وهي ستة أحرف
(1/345)
-
إن وأن وكأن ولكن وليت ولعل وعدها سيبويه خمسة فأسقط أن المفتوحة لأن أصلها إن المكسورة كما سيأتي
ومعنى إن وأن التوكيد ومعنى كأن التشبيه ولكن للاستدراك وليت للتمني ولعل للترجي والإشفاق والفرق بين الترجي والتمني أن التمني يكون في الممكن نحو ليت زيدا قائم وفي غير الممكن نحو ليت الشباب يعود يوما وأن الترجي لا يكون إلا في الممكن فلا تقول لعل الشباب يعود والفرق بين الترجي والإشفاق أن الترجي يكون في المحبوب نحو لعل الله يرحمنا والإشفاق في المكروه نحو لعل العدو يقدم
وهذه الحروف تعمل عكس عمل كان فتنصب الاسم وترفع الخبر
(1/346)
-
نحو إن زيدا قائم فهي عاملة في الجزءين وهذا مذهب البصريين
وذهب الكوفيون إلى أنها لا عمل لها في الخبر وإنما هو باق على رفعه الذي كان له قبل دخول إن وهو خبر المبتدأ
( وراع ذا الترتيب إلا في الذي ... كليت فيها أوهنا غير البذي )
أي يلزم تقديم الاسم في هذا الباب وتأخير الخبر إلا إذا كان الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا فإنه لا يلزم تأخيره وتحت هذا قسمان
أحدهما أنه يجوز تقديمه وتأخيره وذلك نحو ليت فيها غير البذي
(1/348)
-
أو ليت هنا غير البذي أي الوقح فيجوز تقديم فيها وهنا على غير وتأخيرهما عنها
والثاني أنه يجب تقديمه نحو ليت في الدار صاحبها فلا يجوز تأخير في الدار لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة
ولا يجوز تقديم معمول الخبر على الاسم إذا كان غير ظرف ولا مجرور نحو إن زيدا آكل طعامك فلا يجوز إن طعامك زيدا آكل وكذا إن كان المعمول ظرفا أو جارا ومجرورا نحو إن زيدا واثق بك أو جالس عندك فلا يجوز تقديم المعمول على الاسم فلا تقول إن بك زيدا واثق أو إن عندك زيدا جالس وأجازه بعضهم وجعل منه قوله 95 -
( فلا تلحنى فيها فإن بحبها ... أخاك مصاب القلب جم بلابله )
(1/349)
-
( وهمز إن افتح لسد مصدر ... مسدها وفي سوى ذاك اكسر )
إن لها ثلاثة أحوال وجوب الفتح ووجوب الكسر وجواز الأمرين
فيجب فتحها إذا قدرت بمصدر كما إذا وقعت في موضع مرفوع فعل
(1/350)
-
نحو يعجبني أنك قائم أي قيامك أو منصوبه نحو عرفت أنك قائم أي قيامك أو في موضع مجرور حرف نحو عجبت من أنك قائم أي من قيامك وإنما قال لسد مصدر مسدها ولم يقل لسد مفرد مسدها لأنه قد يسد المفرد مسدها ويجب كسرها نحو ظننت زيدا إنه قائم فهذه يجب كسرها وإن سد مسدها مفرد لأنها في موضع المفعول الثاني ولكن لا تقدر بالمصدر إذ لا يصح ظننت زيدا قيامه
فإن لم يجب تقديرها بمصدر لم يجب فتحها بل تكسر وجوبا أو جوازا على ما سنبين وتحت هذا قسمان أحدهما وجوب الكسر والثاني جواز الفتح والكسر فأشار إلى وجوب الكسر بقوله
(1/351)
-
( فاكسر في الابتدا وفى بدء صله ... وحيث إن ليمين مكمله )
( أو حكيت بالقول أو حلت محل ... حال كزرته وإني ذو أمل )
( وكسروا من بعد فعل علقا ... باللام كاعلم إنه لذو تقى )
(1/352)
-
فذكر أنه يجب الكسر في ستة مواضع
الأول إذا وقعت إن ابتداء أي في أول الكلام نحو إن زيدا قائم ولا يجوز وقوع المفتوحة ابتداء فلا تقول أنك فاضل عندي بل يجب التأخير فتقول عندي أنك فاضل وأجاز بعضهم الابتداء بها
الثاني أن تقع إن صدر صلة نحو جاء الذي إنه قائم ومنه قوله تعالى ( واتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء )
الثالث أن تقع جوابا للقسم وفي خبرها اللام نحو والله إن زيدا لقائم وسيأتي الكلام على ذلك
الرابع أن تقع في جملة محكية بالقول نحو قلت إن زيدا قائم قال تعالى ( قال إني عبد الله ) فإن لم تحك به بل أجرى القول مجرى الظن فتحت نحو أتقول أن زيدا قائم أي أتظن
الخامس أن تقع في جملة في موضع الحال كقوله زرته وإني ذو أمل ومنه قوله تعالى ( كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون ) وقول الشاعر 96 -
( ما أعطياني ولا سألتهما ... إلا وإني لحاجزى كرمي )
(1/353)
-
السادس أن تقع بعد فعل من أفعال القلوب وقد علق عنها باللام نحو علمت إن زيدا لقائم وسنبين هذا في باب ظن فإن لم يكن في خبرها اللام فتحت نحو علمت أن زيدا قائم
هذا ما ذكره المصنف وأورد عليه أنه نقص مواضع يجب كسر إن فيها
الأول إذا وقعت بعد ألا الاستفتاحية نحو ألا إن زيدا قائم ومنه قوله تعالى ( ألا إنهم هم السفهاء )
(1/354)
-
الثاني إن وقعت بعد حيث نحو اجلس حيث إن زيدا جالس
الثالث إذا وقعت في جملة هي خبر عن اسم عين نحو زيد إنه قائم
ولا يرد عليه شيء من هذه المواضع لدخولها تحت قوله فاكسر في الابتدا لأن هذه إنما كسرت لكونها أول جملة مبتدأ بها
( بعد إذا فجاءة أو قسم ... لا لام بعده بوجهين نمي )
( مع تلو فا الجزا وذا يطرد ... في نحو خير القول إني أحمد )
(1/355)
-
يعني أنه يجوز فتح إن وكسرها إذا وقعت بعد إذا الفجائية نحو خرجت فإذا إن زيدا قائم فمن كسرها جعلها جملة والتقدير خرجت فإذا زيد قائم ومن فتحها جعلها مع صلتها مصدرا وهو مبتدأ خبره إذا الفجائية والتقدير فإذا قيام زيد أي ففي الحضرة قيام زيد ويجوز أن يكون الخبر محذوفا والتقدير خرجت فإذا قيام زيد موجود ومما جاء بالوجهين قوله 97 -
( وكنت أرى زيدا كما قيل سيدا ... إذا أنه عبد القفا واللهازم )
(1/356)
-
روى بفتح أن وكسرها فمن كسرها جعلها جملة مستأنفة والتقدير إذا هو عبد القفا واللهازم ومن فتحها جعلها مصدرا مبتدأ وفي خبره الوجهان السابقان والتقدير على الأول فإذا عبوديته أي ففي الحضرة عبوديته وعلى الثاني فإذا عبوديته موجودة
وكذا يجوز فتح إن وكسرها إذا وقعت جواب قسم وليس فى خبرها اللام نحو حلفت أن زيدا قائم بالفتح والكسر وقد روى بالفتح والكسر قوله 98 -
( لتقعدن مقعد القصي ... مني ذي القاذورة المقلي )
( أو تحلفي بربك العلي ... أني أبو ذيالك الصبي )
(1/358)
-
ومقتضى كلام المصنف أنه يجوز فتح إن وكسرها بعد القسم إذا لم يكن في خبرها اللام سواء كانت الجملة المقسم بها فعلية والفعل فيها ملفوظ به نحو حلفت إن زيدا قائم أو غير ملفوظ به نحو والله إن زيدا قائم أو اسمية نحو لعمرك إن زيدا قائم
(1/360)
-
وكذلك يجوز الفتح والكسر إذا وقعت إن بعد فاء الجزاء نحو من يأتني فإنه مكرم فالكسر على جعل إن ومعموليها جملة أجيب بها الشرط فكأنه قال من يأتني فهو مكرم والفتح على جعل أن وصلتها مصدرا مبتدأ والخبر محذوف والتقدير من يأتني فإكرامه موجود ويجوز أن يكون خبرا والمبتدأ محذوفا والتقدير فجزاؤه الإكرام
ومما جاء بالوجهين قوله تعالى ( كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم ) قرىء ( فإنه غفور رحيم ) بالفتح والكسر فالكسر على جعلها جملة جوابا لمن والفتح على جعل أن وصلتها مصدرا مبتدأ خبره محذوف والتقدير فالغفران جزاؤه أو على جعلها خبرا لمبتدأ محذوف والتقدير فجزاؤه الغفران
وكذلك يجوز الفتح والكسر إذا وقعت أن بعد مبتدأ هو في المعنى قول وخبر إن قول والقائل واحد نحو خير القول إني أحمد الله فمن فتح جعل أن وصلتها مصدرا خبرا عن خير والتقدير خير القول حمد الله فخير مبتدأ وحمد الله خبره ومن كسر جعلها جملة خبرا عن خير كما تقول أول قراءتي ( سبح اسم ربك الأعلى ) فأول مبتدأ و سبح اسم ربك الأعلى جملة خبر عن أول وكذلك خير القول مبتدأ وإني أحمد الله خبره ولا تحتاج هذه الجملة إلى رابط لأنها نفس المبتدأ في المعنى
(1/361)
-
فهي مثل نطقي الله حسبي ومثل سيبويه هذه المسألة بقوله أول ما أقول أني أحمد الله وخرج الكسر على الوجه الذي تقدم ذكره وهو أنه من باب الإخبار بالجمل وعليه جرى جماعة من المتقدمين والمتأخرين كالمبرد والزجاج والسيرافي وأبي بكر بن طاهر وعليه أكثر النحويين

الموضوع التالي


إن وأخواتها : ب

الموضوع السابق


أفعال المقاربة : ب