النعت
 
التوابع
( يتبع في الإعراب الأسماء الأول ... نعت وتوكيد وعطف وبدل )
التابع هو الاسم المشارك لما قبله في إعرابه مطلقا
فيدخل في قولك الاسم المشارك لما قبله في إعرابه سائر التوابع وخبر المبتدأ نحو زيد قائم وحال المنصوب نحو ضربت زيدا مجردا
ويخرج بقولك مطلقا الخبر وحال المنصوب فإنهما لا يشاركان ما قبلهما في إعرابه مطلقا بل في بعض أحواله بخلاف التابع فإنه يشارك ما قبله في سائر أحواله من الإعراب نحو مررت بزيد الكريم ورأيت زيدا الكريم وجاء زيد الكريم
(3/190)
-
والتابع على خمسة أنواع النعت والتوكيد وعطف البيان وعطف النسق والبدل
( فالنعت تابع متم ما سبق ... بوسمه أو وسم ما به أعتلق )
عرف النعت بأنه التابع المكمل متبوعه ببيان صفة من صفاته نحو مررت برجل كريم أو من صفات ما تعلق به وهو سببيه نحو مررت برجل كريم أبوه
فقوله التابع يشمل التوابع كلها وقوله المكمل إلى آخره مخرج لما عدا النعت من التوابع
والنعت يكون للتخصيص نحو مررت بزيد الخياط وللمدح نحو مررت بزيد الكريم ومنه قوله تعالى ( بسم الله الرحمن الرحيم ) وللذم نحو مررت بزيد الفاسق ومنه قوله تعالى ( فاستعذ بالله
(3/191)
-
من الشيطان الرجيم ) وللترحم نحو مررت بزيد المسكين وللتأكيد نحو أمس الدابر لايعود وقوله تعالى ( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة )
( وليعط في التعريف والتنكير ما ... لما تلا ك امرر بقوم كرما )
النعت يجب فيه أن يتبع ما قبله في إعرابه وتعريفه أو تنكيره نحو مررت بقوم كرماء ومررت بزيد الكريم فلا تنعت المعرفة بالنكرة فلا تقول مررت بزيد كريم ولا تنعت النكرة بالمعرفة فلا تقول مررت برجل الكريم
(3/192)
-
( وهو لدى التوحيد والتذكير أو ... سواهما كالفعل فأقف ما قفوا )
تقدم أن النعت لا بد من مطابقته للمنعوت في الإعراب والتعريف أو التنكير وأما مطابقته للمنعوت في التوحيد وغيره وهي التثنية والجمع والتذكير وغيره وهو التأنيث فحكمه فيها حكم الفعل
فإن رفع ضميرا مستترا طابق المنعوت مطلقا نحو زيد رجل حسن والزيدان رجلان حسنان والزيدون رجال حسنون وهند امرأة حسنة والهندان امرأتان حسنتان والهندات نساء حسنات فيطابق في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع كما يطابق الفعل لو جئت مكان النعت بفعل ف قلت رجل حسن ورجلان حسنا ورجال حسنوا وامرأة حسنت وامرأتان حسنتا ونساء حسن
وإن رفع أي النعت اسما ظاهرا كان بالنسبة إلى التذكير والتأنيث على حسب ذلك الظاهر وأما في التثنية والجمع فيكون مفردا فيجري مجرى الفعل إذا رفع ظاهرا فتقول مررت برجل حسنة أمه كما تقول حسنت أمه وبامرأتين حسن أبواهما وبرجال حسن آباؤهم كما تقول حسن أبواهما وحسن آباؤهم
(3/193)
-
فالحاصل أن النعت إذا رفع ضميرا طابق المنعوت في أربعة من عشرة واحد من ألقاب الإعراب وهي الرفع والنصب والجر وواحد من التعريف والتنكير وواحد من التذكير والتأنيث وواحد من الإفراد والتثنية والجمع
وإذا رفع ظاهرا طابقه في اثنين من خمسة واحد من ألقاب الإعراب وواحد من التعريف والتنكير وأما الخمسة الباقية وهي التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع فحكمه فيها حكم الفعل إذا رفع ظاهرا فإن أسند إلى مؤنث أنث وإن كان المنعوت مذكرا وإن أسند إلى مذكر ذكر وإن كان المنعوت مؤنثا وإن أسند إلى مفرد أو مثنى أو مجموع أفرد وإن كان المنعوت بخلاف ذلك
( وأنعت بمشتق كصعب وذرب ... وشبهه كذا وذى والمنتسب )
(3/194)
-
لا ينعت إلا بمشتق لفظا أو تأويلا
والمراد بالمشتق هنا ما أخذ من المصدر للدلالة على معنى وصاحبه كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة باسم الفاعل وأفعل التفضيل
والمؤول بالمشتق كاسم الإشارة نحو مررت بزيد هذا أي المشار إليه وكذا ذو بمعنى صاحب والموصولة نحو مررت برجل ذي مال أي صاحب مال وبزيد ذو قام أي القائم والمنتسب نحو مررت برجل قرشي أي منتسب إلى قريش
( ونعتوا بجملة منكرا ... فأعطيت ما أعطيته خبرا )
تقع الجملة نعتا كما تقع خبرا وحالا وهي مؤولة بالنكرة ولذلك لا ينعت بها إلا النكرة نحو مررت برجل قام أبوه أو أبوه قائم ولا تنعت بها المعرفة فلا تقول مررت بزيد قام أبوه أو أبوه قائم وزعم بعضهم
(3/195)
-
أنه يجوز نعت المعرف بالألف واللام الجنسية بالجملة وجعل منه قوله تعالى ( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ) وقول الشاعر
286 - ( ولقد أمر على اللئيم يسبني ... فمضيت ثمت قلت لا يعنيني )
(3/196)
-
فنسلخ صفة لليل ويسبنى صفة للئيم ولا يتعين ذلك لجواز كون نسلخ ويسبني حالين
وأشار بقوله فأعطيت ما أعطيته خبرا إلى أنه لا بد للجملة الواقعة صفة من ضمير يربطها بالموصوف وقد يحذف للدلالة عليه كقوله
287 - ( وما أدرى أغيرهم تناء ... وطول الدهر أم مال أصابوا )
(3/197)
-
التقدير أم مال أصابوه فحذف الهاء وكقوله عز و جل ( واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ) أي لا تجزى فيه فحذف فيه
وفي كيفية حذفه قولان أحدهما أنه حذف بجملته دفعة واحدة والثاني أنه حذف على التدريج فحذف في أولا فاتصل الضمير بالفعل فصار تجزيه ثم حذف هذا الضمير المتصل فصار تجزى
( وامنع هنا إبقاع ذات الطلب ... وإن أتت فالقول أضمر تصب )
(3/198)
-
لا تقع الجملة الطلبية صفة فلا تقول مررت برجل أضربه وتقع خبرا خلافا لابن الأنباري فتقول زيد أضربه ولما كان قوله فأعطيت ما أعطيته خبرا يوهم أن كل جملة وقعت خبرا يجوز أن تقع صفة قال ( وامنع هنا إيقال ذات الطلب ... ) أي امنع وقوع الجملة الطلبية في باب النعت وإن كان لا يمتنع في باب الخبر ثم قال فإن جاء ما ظاهره أنه نعت فيه بالجملة الطلبية فيخرج على إضمار القول ويكون القول المضمر صفة والجملة الطلبية معمول القول المضمر وذلك كقوله
288 - ( حتى إذا جن الظلام واختلط ... جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط )
(3/199)
-
فظاهر هذا أن قوله هل رأيت الذئب قط صفة ل مذق وهي جملة طلبية ولكن ليس هو على ظاهره بل هل رأيت الذئب قط مقول لقول مضمرهو صفة ل مذق والتقدير بمذق مقول فيه هل رأيت الذئب قط
فإن قلت هل يلزم هذا التقدير في الجملة الطلبية إذا وقعت في باب الخبر فيكون تقدير قولك زيد اضربه زيد مقول فيه اضربه
فالجواب أن فيه خلافا فمذهب ابن السراج والفارسي التزام ذلك ومذهب الأكثرين عدم التزامه
( ونعتوا بمصدر كثيرا ... فالتزموا الإفراد والتذكيرا )
(3/200)
-
يكثر استعمال المصدر نعتا نحو مررت برجل عدل وبرجلين عدل وبرجال عدل وبامرأة عدل وبأمرأتين عدل وبنساء عدل ويلزم حينئد الإفراد والتذكير والنعت به على خلاف الأصل لأنه يدل على المعنى لا على صاحبه وهو مؤول إما على وضع عدل موضع عادل أو على حذف مضاف والأصل مررت برجل ذي عدل ثم حذف ذي وأقيم عدل مقامه وإما على المبالغة بجعل العين نفس المعنى مجازا أو ادعاء
( ونعت غير واحد إذا اختلف ... فعاطفا فرقه لا إذا ائتلف )
(3/201)
-
إذا نعت غير الواحد فإما أن يختلف النعت أو يتفق
فإن اختلف وجب التفريق بالعطف فتقول مررت بالزيدين الكريم والبخيل وبرجال فقيه وكاتب وشاعر
وإن اتفق جيء به مثنى أو مجموعا نحو مررت برجلين كريمين وبرجال كرماء
( ونعت معمولى وحيدى معنى ... وعمل أتبع بغير استثنا )
إذا نعت معمولان لعاملين متحدى المعنى والعمل أتبع النعت المنعوت رفعا ونصبا وجرا نحو ذهب زيد وانطلق عمرو العاقلان وحدثت زيدا وكلمت عمرا الكريمين ومررت بزيد وجزت على عمرو الصالحين
فإن اختلف معنى العاملين أو عملهما وجب القطع وامتنع الإتباع فتقول جاء زيد وذهب عمرو العاقلين بالنصب على إضمار فعل أي أعنى العاقلين وبالرفع على إضمار مبتدأ أي هما العاقلان وتقول انطلق زيد وكلمت عمرا الظريفين أي أعنى الظريفين أو الظريفان
(3/202)
-
أي هما الظريفان ومررت بزيد وجاوزت خالدا الكاتبين أو الكاتبان
( وإن نعوت كثرت وقد تلت ... مفتقرا لذكرهن أنبعت )
إذا تكررت النعوت وكان المنعوت لا يتضح إلا بها جميعا وجب إتباعها كلها فتقول مررت بزيد الفقيه الشاعر الكاتب
( واقطع أو أتبع إن يكن معينا ... بدونها أو بعضها اقطع معلنا )
(3/203)
-
إذا كان المنعوت متضحا بدونها كلها جاز فيها جميعها الإتباع والقطع وإن كان معينا ببعضها دون بعض وجب فيما لا يتعين إلا به الإتباع وجاز فيما يتعين بدونه الإتباع والقطع
( وأرفع أو أنصب إن قطعت مضمرا ... مبتدأ أو ناصبا لن يظهرا )
أي إذا قطع النعت عن المنعوت رفع على إضمار مبتدأ أو نصب على إضمار فعل نحو مررت بزيد الكريم أو الكريم أي هو الكريم أو أعني الكريم
(3/204)
-
وقول المصنف لن يظهرا معناه أنه يجب إضمار الرافع أو الناصب ولا يجوز إظهاره وهذا صحيح إذا كان النعت لمدح نحو مررت بزيد الكريم أو ذم نحو مررت بعمرو الخبيث أو ترحم نحو مررت بزيد المسكين فأما إذا كان لتخصيص فلا يجب الإضمار نحو مررت بزيد الخياط أو الخياط وإن شئت أظهرت فتقول هو الخياط أو أعنى الخياط والمراد بالرافع والناصب لفظة هو أو أعنى
( وما من المنعوت والنعت عقل ... يجوز حذفه وفي النعت يقل )
أي يجوز حذف المنعوت وإقامة النعت مقامه إذا دل عليه دليل نحو قوله تعالى ( أن أعمل سابغات ) أي دروعا سابغات وكذلك يحذف النعت إذ دل عليه دليل لكنه قليل ومنه قوله تعالى ( قالوا الآن جئت بالحق أي البين وقوله تعالى ( إنه ليس من أهلك ) أي الناجين
(3/205)

الموضوع التالي


التوكيد

الموضوع السابق


أفعل التفضيل