حروف الجر
 
بسم الله الرحمن الرحيم
( هاك حروف الجر وهي من إلى ... حتى خلا حاشا عدا في عن على )
( مذ منذ رب اللام كي واو وتا ... والكاف والباء ولعل ومتى )
هذه الحروف العشرون كلها مختصة بالأسماء وهي تعمل فيها الجر وتقدم الكلام على خلا وحاشا وعدا في الاستثناء وقل من ذكر كي ولعل ومتى في حروف الجر
فأما كي فتكون حرف جر في موضعين
أحدهما إذا دخلت على ما الاستفهامية نحو كيمة أي لمه فما استفهامية مجرورة بكى وحذفت ألفها لدخول حرف الجر عليها وجيء بالهاء للسكت
(3/3)
-
الثاني قولك جئت كي أكرم زيدا فأكرم فعل مضارع منصوب بأن بعد كى وأن والفعل مقدران بمصدر مجرور بكى والتقدير جئت كي إكرام زيد أي لإكرام زيد
وأما لعل فالجر بها لغة عقيل ومنه قوله
196 - ( لعل أبي المغوار منك قريب )
(3/4)
-
وقوله
197
- ( لعل الله فضلكم علينا ... بشيء أن أمكم شريم )
ف أبي المغوار والاسم الكريم مبتدآن وقريب وفضلكم خبران ولعل حرف جر زائد دخل على المبتدأ فهو كالباء في بحسبك درهم
(3/5)
-
وقد روى على لغة هؤلاء في لامها الأخيرة الكسر والفتح وروى أيضا حذف اللام الأولى فتقول عل بفتح اللام وكسرها
وأما متى فالجر بها لغة هذيل ومن كلامهم أخرجها متى كمه يريدون من كمه ومنه قوله
198 - ( شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج )
(3/6)
-
وسيأتي الكلام على بقية العشرين عند كلام المصنف عليها
ولم يعد المصنف في هذا الكتاب لولا من حروف الجر وذكرها في غيره
ومذهب سيبويه أنها من حروف الجر لكن لا تجر إلا المضمر فتقول لولاى ولولاك ولولاه فالياء والكاف والهاء عند سيبويه مجرورات ب لولا
وزعم الأخفش أنها في موضع رفع بالابتداء ووضع ضمير الجر موضع ضمير الرفع فلم تعمل لولا فيها شيئا كما لا تعمل في الظاهر نحو لولا زيد لأتيتك
وزعم المبرد أن هذا التركيب أعنى لولاك ونحوه لم يرد من لسان العرب وهو محجوج بثبوت ذلك عنهم كقوله
199 - ( أتطمع فينا من أراق دماءنا ... ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن )
(3/7)
-
وقوله
200 - ( وكم موطن لولاي طحت كما هوى ... بأجرامه من قنة النيق منهوى )
(3/9)
-
( بالظاهر أخصص منذ مذ وحتى ... والكاف والواو ورب والتا )
( وأخصص بمذ ومنذ وقتا وبرب ... منكرا والتاء لله ورب )
( وما رووا من نحو ربه فتى ... نزر كذا كها ونحوه أتى )
(3/10)
-
من حروف الجر ما لا يجر إلا الظاهر وهي هذه السبعة المذكورة في البيت الأول فلا تقول منذه ولا مذه وكذا الباقي
ولا تجر منذ ومذ من الأسماء الظاهرة إلا أسماء الزمان فإن كان الزمان حاضرا كنات بمعنى في نحو ما رأيته منذ يومنا أي في يومنا وإن كان الزمان ماضيا كانت بمعنى من نحو ما رأيته مذ يوم الجمعة أي من يوم الجمعة وسيذكر المصنف هذا في آخر الباب وهذا معنى قوله واخصص بمذ ومنذ وقتا
وأما حتى فسيأتي الكلام على مجرورها عند ذكر المصنف له وقد شذ جرها للضمير كقوله
201 - ( فلا والله لا يلفى أناس ... فتى حتاك يا ابن أبي زياد )
(3/11)
-
ولا يقاس على ذلك خلافا لبعضهم ولغة هذيل إبدال حائها عينا وقرأ ابن مسعود ( فتربصوا به حتى حين )
وأما الواو فمختصة بالقسم وكذلك التاء ولا يجوز ذكر فعل القسم معهما فلا تقول أقسم والله ولا أقسم تالله
ولا تجر التاء إلا لفظ الله فتقول تالله لأفعلن وقد سمع جرها رب مضافا إلى الكعبة قالوا ترب الكعبة وهذا معنى قوله والتاء لله ورب وسمع أيضا تالرحمن وذكر الخفاف في شرح الكتاب أنهم قالوا تحياتك وهذا غريب
ولا تجر رب إلا نكرة نحو رب رجل عالم لقيت وهذا معنى قوله وبرب منكرا أي واخصص برب النكرة وقد شذ جرها ضمير الغيبة كقوله
202 - ( واه رأبت وشيكا صدع أعظمه ... وربه عطبا أنقذت من عطبه )
(3/12)
-
كما شذ جر الكاف له كقوله
203 - ( خلى الذنابات شمالا كثبا ... وأم أوعال كها أو أقربا )
(3/13)
-
وقوله
204 - ( ولا ترى بعلا ولا حلائلا ... كه ولا كهن إلا حاظلا )
وهذا معنى قوله وما رووا البيت أي والذي روى من جر رب المضمر نحو ربه فتى قليل وكذك جر الكاف المضمر نحو كها
(3/14)
-
( بعض وبين وابتدىء في الأمكنه ... بمن وقد تأتي لبدء الأزمنة )
( وزيد في نفي وشبهه فجر ... نكرة كمالبالغ من مفر )
تجيء من للتبعض ولبيان الجنس ولابتداء الغاية في غير الزمان كثيرا وفي الزمان قليلا وزائدة
فمثالها للتبعيض قولك أخذت من الدراهم ومنه قوله تعالى ( ومن الناس من يقول آمنا بالله )
ومثالها لبيان الجنس قوله تعالى ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان )
ومثالها لابتداء الغاية في المكان قوله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى )
ومثالها لابتداء الغاية في الزمان قوله تعالى ( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ) وقول الشاعر
(3/15)
-
205 - ( تخيرن من أزمان يوم حليمة ... إلى اليوم قد جربن كل التجارب )
ومثال الزائدة ما جاءني من أحد ولا تزاد عند جمهور البصريين إلا بشرطين
(3/16)
-
أحدهما أن يكون المجرور بها نكرة
الثاني أن يسبقها نفي أو شبهه والمراد بشبه النفي النهى نحو لا تضرب من أحد والاستفهام نحو هل جاءك من أحد
ولا تزاد في الإيجاب ولا يؤتى بها جارة لمعرفة فلا تقول جاءني من زيد خلافا للأخفش وجعل منه قوله تعالى ( يغفر لكم من ذنوبكم )
وأجاز الكوفيون زيادتها في الإيجاب بشرط تنكير مجرورها ومنه عندهم قد كان من مطر أي قد كان مطر
للانتها حتى ولام وإلى ... ومن وباء يفهمان بدلا )
يدل على انتهاء الغاية إلى وحتى واللام والأصل من هذه الثلاثة إلى فلذلك بحر الآخر وغيره نحو سرت البارحة إلى آخر الليل أو إلى نصفه ولا تجر حتى إلا ما كان آخرا أو متصلا بالآخر كقوله
(3/17)
-
تعالى ( سلام هي حتى مطلع الفجر ) ولا تجر غيرهما فلا تقول سرت البارحة حتى نصف الليل واستعمال اللام للانتهاء قليل ومنه قوله تعالى ( كل يجرى لأجل مسمى )
ويستعمل من والباء بمعنى بدل فمن استعمال من بمعنى بدل قوله عز و جل ( أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ) أي بدل الآخرة وقوله تعالى ( ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون ) أي بدلكم وقول الشاعر
206 - ( جاريه لم تأكل المرققا ... ولم تذق من البقول الفستقا )
(3/18)
-
أي بدل البقول ومن استعمال الباء بمعنى بدل ما ورد في الحديث ما يسرني بها حمر النعم أي بدلها وقول الشاعر
( فليت لي بهم قوما إذا ركبوا ... شنوا الإغارة فرسانا وركبانا ) 154
( واللام للملك وشبهه وفي ... تعدية أيضا وتعليل قفى )
( وزيد والظرفية استبن بباو ... في وقد يبينان السببا )
(3/19)
-
تقدم أن اللام تكون للانتهاء وذكر هنا أنها تكون للملك نحو ( لله ما في السموات وما في الأرض ) والمال لزيد ولشبه الملك نحو الجل للفرس والباب للدار وللتعدية نحو وهبت لزيد مالا ومنه قوله تعالى ( فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب ) وللتعليل نحو جئتك لإكرامك وقوله
207 - ( وإني لتعروني لذكراك هزة ... كما انتفض العصفور بلله القطر )
(3/20)
-
وزائدة قياسا نحو لزيد ضربت ومنه قوله تعالى ( إن كنتم للرؤيا تعبرون ) وسماعا نحو ضربت لزيد
وأشار بقوله والظرفية استبن إلى آخره إلى معنى الباء وفي فذكر أنهما اشتركا في إفادة الظرفية والسببية فمثال الباء للظرفية قوله تعالى ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل ) أي وفي الليل ومثالها للسببية قوله تعالى ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا ) ومثال في للظرفية قولك زيد في المسجد وهو الكثير فيها ومثالها للسببية قوله دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض
(3/21)
-
( بالبا استعن وعد عوض ألصق ... ومثل مع ومن وعن بها انطق )
تقدم أن الباء تكون للظرفية وللسببية وذكر هنا أنها تكون للاستعانة نحو كتبت بالقلم وقطعت بالسكين وللتعدية نحو ذهبت بزيد ومنه قوله تعالى ( ذهب الله بنورهم ) وللتعويض نحو اشتريت الفرس بألف درهم ومنه قوله تعالى ( أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ) وللإلصاق نحو مررت بزيد وبمعنى مع نحو بعتك الثوب بطرازه أي مع طرازه وبمعنى من كقوله
( شربن بماء البحر )
أي من ماء البحر وبمعنى عن نحو ( سأل سائل بعذاب ) أي عن عذاب وتكون الباء أيضا للمصاحبة نحو ( فسبح بحمد ربك ) أي مصاحبا حمد ربك
( علي للاستعلا ومعنى في وعن ... بعن تجاوزا عني من قد فطن )
(3/22)
-
( وقد تجيء موضع بعد وعلى ... كما على موضع من قد جعلا )
تستعمل على للاستعلاء كثيرا نحو زيد على السطح وبمعنى في نحو قوله تعالى ( ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها ) أي في حين غفلة
وتسعتمل عن للمجاوزة كثيرا نحو رميت السهم عن القوس وبمعنى بعد نحو قوله تعالى ( لتركبن طبقا عن طبق ) أي بعد طبق وبمعنى على نحو قوله
208 - ( لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ... عني ولا أنت دياني فتخزوني )
(3/23)
-
أي لا أفضلت في حسب على كما استعملت على بمعنى عن في قوله
(3/24)
-
209 - ( إذا رضيت على بنو قشير ... لعمر الله أعجبني رضاها )
أي إذا رضيت عني
( شبه بكاف وبها التعليل قد ... يعني وزائدا لتوكيد ورد )
تأتي الكاف للتشبيه كثيرا كقولك زيد كالأسد وقد تأتى
(3/25)
-
للتعليل كقوله تعالى ( واذ كروه كما هداكم ) أي لهدايته إياكم وتأتى زائدة للتوكيد وجعل منه قوله تعالى ( ليس كمثله شيء ) أي مثله شيء ومما زيدت فيه قول رؤبة
210 - ( لواحق الأقراب فيها كالمقق ... )
أي فيها المقق أي الطول وما حكاه الفراء أنه قيل لبعض العرب كيف تصنعون الأقط فقال كهين أي هينا
(3/26)
-
( واستعمل اسما وكذا عن وعلى ... من أجل ذا عليهما من دخلا )
استعمل الكاف اسما قليلا كقوله
211 - ( أتنتهون ولن ينهى ذوى شطط ... كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل )
(3/27)
-
فالكاف اسم مرفوع على الفاعلية والعامل فيه ينهى والتقدير ولن ينهى ذوى شطط مثل الطعن
واستعملت على وعن اسمين عند دخول من عليهما وتكون على بمعنى فوق وعن بمعنى جانب ومنه قوله
212 - ( غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها ... تصل وعن قيض بزيزاء مجهل )
(3/28)
-
أي غدت من فوقه وقوله
213 - ( ولقد أراني للرماح دريثة ... من عن يميني تارة وأمامي )
أي من جانب يميني
(3/29)
-
( ومذ ومنذ أسمان حيث رفعا ... أو أوليا الفعل كجئت مذدعا )
وإن يجرا في مضى فكمن ... هما وفي الحضور معنى في استبن )
(3/30)
-
تستعمل مذ ومنذ اسمين إذا وقع بعدهما الاسم مرفوعا أو وقع بعدهما فعل فمثال الأول ما رأيته مذ يوم الجمعة أو مذ شهرنا فمذ اسم مبتدأ خبره ما بعده وكذلك منذ وجوز بعضهم أن يكونا خبرين لما بعدهما
ومثال الثاني جئت مذدعا فمذ اسم منصوب المحل على الظرفية والعامل فيه جئت
وإن وقع ما بعدهما مجرورا فهما حرفا جر بمعنى من إن كان المجرور ماضيا نحو ما رأيته مذ يوم الجمعة أي من يوم الجمعة وبمعنى في إن كان حاضرا نحو ما رأيته مذ يومنا أي في يومنا
( وبعد من وعن وباء زيد ما ... فلم يعق عن عمل قد علما )
تزاد ما بعد من وعن والباء فلا تكفها عن العمل كقوله تعالى
(3/31)
-
( مما خطيئاتهم أغرقوا ) وقوله تعالى ( عما قليل ليصبحن نادمين ) وقوله تعالى ( فبما رحمة من الله لنت لهم )
( وزيد بعد رب والكاف فكف ... وقد تليهما وجر لم يكف )
تزاد ما بعد الكاف ورب فتكفهما عن العمل كقوله
214 - ( فإن الحمر من شر المطايا ... كما الحبطان شر بني تميم )
(3/32)
-
وقوله
215 - ( ربما الجامل المؤبل فيهم ... وعناجيج بينهن المهار )
(3/33)
-
وقد تزاد بعدهما ولا تكفهما عن العمل وهو قليل كقوله
216 - ( ماوى لا ربتما غارة ... شعواء كاللذعة بالميسم )
(3/34)
-
وقوله
217 - ( وننصر مولانا ونعلم أنه ... كما الناس مجروم عليه وجارم )
( وحذفت رب فجرت بعد بل ... والفا وبعد الواو شاع ذا العمل )
(3/35)
-
لا يجوز حذف حرف الجر وإبقاء عمله إلا في رب بعد الواو وفيما سنذكره وقد ورد حذفها بعد الفاء وبل قليلا فمثاله بعد الواو قوله
( وقاتم الأعماق خاوى المخترقن ... )
ومثاله بعد الفاء قوله
218 - ( فمثلك حبلى فد طرقت ومرضع ... فألهيتها عن ذي تمائم محول )
(3/36)
-
ومثاله بعد بل قوله
219 - ( بل بلد ملء الفجاج قتمه ... لا يشترى كتانه وجهرمه )
(3/37)
-
والشائع من ذلك حذفها بعد الواو وقد شذ الجر برب محذوفة من غير أن يتقدمها شيء كقوله
220 - ( رسم دار وقفت في طلله ... كدت أقضى الحياة من جلله )
(3/38)
-
( وقد يجر بسوى رب لدى ... حذف وبعضه يرى مطردا )
الجر بغير رب محذوفا على قسمين مطرد وغير مطرد
فغير المطرد كقول رؤبة لمن قال له كيف أصبحت خير والحمد لله التقدير على خير وقول الشاعر
221 - ( إذا قيل أي الناس شر قبيلة ... أشارت كليب بالأكف الأصابع )
(3/39)
-
أي أشارت إلى كليب وقوله
222 - ( وكريمة من آل قيس ألفته ... حتى تبذخ فارتقى الأعلام )
أي فارتقى إلى الأعلام
(3/40)
-
والمطرد كقولك بكم درهم اشتريت هذا فدرهم مجرور بمن محذوفة عند سيبويه والخليل وبالإضافة عند الزجاج فعلى مذهب سيبويه والخليل يكون الجار قد حذف وأبقى عمله وهذا مطرد عندهما في مميز كم الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر
(3/41)

الموضوع التالي


الاضافة

الموضوع السابق


العطف