عطف النسق
 

عطف النسق تال بحرف متبع عطف النسق * كاخصص بود وثناء من صدق عطف النسق هو: التابع، المتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف التى سنذكرها، ك " اخصص بود وثناء من صدق ".

فخرج بقوله " المتوسط - إلى آخره " بقية التوابع.
* * * فالعطف مطلقا، بواو، ثم، فا، * حتى، أم، أو، ك " فيك صدق ووفا "
(2/224)


حروف العطف على قسمين: أحدهما: ما يشرك المعطوف مع المعطوف عليه مطلقا، أي: لفظا وحكما،
وهى: الواو، نحو: " جاء زيد وعمرو ".
وثم، نحو: " جاء زيد ثم عمرو ".
والفاء، نحو: " جاء زيد فعمرو ".
وحتى، نحو: " قدم الحجاج حتى المشاة ".
وأم، نحو: " أزيد عندك أم عمرو ؟ ".
وأو، نحو: " جاء زيد أو عمرو ".
والثانى: ما يشرك لفظا فقط، وهو المراد بقوله.
وأتبعت لفظا فحسب: بل، ولا، * لكن، ك " لم يبد امرؤ لكن طلا " هذه الثلاثة تشرك الثاني مع الاول في إعرابه، لا في حكمه، نحو: " ما قام زيد بل عمرو، وجاء زيد لا عمرو، ولا تضرب زيدا لكن عمرا ".
* * *
(2/225)



فاعطف بواو لاحقا أو سابقا * - في الحكم - أو مصاحبا موافقا لما ذكر حروف العطف التسعة شرع في ذكر معانيها.
فالواو: لمطلق الجمع عند البصريين، فإذا قلت: " جاء زيد وعمرو " دل ذلك على اجتماعهما في نسبة المجئ إليهما، واحتمل كون " عمرو " جاء بعد " زيد "، أو جاء قبله، أو جاء مصاحبا له، وإنما يتبين ذلك بالقرينة، نحو: " جاء زيد وعمرو بعده، وجاء زيد وعمرو قبله، وجاء زيد وعمرو معه "، فيعطف بها: اللاحق، والسابق، ومصاحب.
ومذهب الكوفيين أنها للترتيب، ورد بقوله تعالى: (إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيى).
* * *
(2/226)



واخصص بها عطف الذى لا يغنى * متبوعه، ك " اصطف هذا وابنى " اختصت الواو - من بين حروف العطف - بأنها يعطف بها حيث لا يكتفى بالمعطوف عليه، نحو: " اختصم زيد وعمرو " ولو قلت: " اختصم زيد " لم يجز، ومثله " اصطف هذا وابنى، وتشارك زيد وعمرو "، ولا يجوز
أن يعطف في هذه المواضع بالفاء ولا بغيرها من حروف العطف، فلا تقول: " اختصم زيد فعمرو ".
* * * والفاء للترتيب باتصال * و " ثم " للترتيب بانفصال أي: تدل الفاء على تأخر المعطوف عن المعطوف عليه متصلا به، و " ثم " على تأخره عنه منفصلا، أي: متراخيا عنه، نحو: " جاء زيد فعمرو "، ومنه قوله تعالى: (الذى خلق فسوى)، و " جاء زيد ثم عمرو " ومنه قوله تعالى: (والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ".
* * *
(2/227)



واخصص بفاء عطف ما ليس صله * على الذى استقر أنه الصله اختصت الفاء بأنها تعطف ما لا يصلح أن يكون صلة - لخلوه عن ضمير الموصول - على ما يصلح أن يكون صلة - لاشتماله على الضمير - نحو: " الذى يطير فيغضب زيد الذباب "، ولو قلت: " ويغضب زيد " أو " ثم يغضب زيد " لم يجز، لان الفاء تدل على السببية، فاستغنى بها عن الرابط، ولو قلت: " الذى يطير وبغضب منه زيد الذباب " جاز، لانك أتبت بالضمير الرابط.
* * * بعضا بحتى اعطف على كل، ولا * يكون إلا غاية الذى تلا
(2/228)



يشترط في المعطوف بحتى أن يكون بعضا مما قبله وغاية له: في زيادة، أو نقص، نحو: " مات الناس حتى الانبياء، وقدم الحجاج حتى المشاة ".
* * * و " أم " بها اعطف إثر همز التسوية * أو همزة عن لفظ " أي " مغنيه " ام " على قسمين: منقطعة، وستأتى، ومتصلة، وهى: التى تقع بعد همزة التسوية نحو: " سواء على أقمت أم قعدت " ومنه قوله تعالى: (سواء علينا
أجز عنا أم صبرنا) والتى تقع بعد همزة مغنية عن " أي " نحو " أزيد عندك أم عمرو " أي: أيهما عندك ؟.
* * * وربما أسقطت الهمزة، إن * كان خفا المعنى بحذفها أمن
(2/229)



أي: قد تحذف الهمزة - يعنى همزة التسوية، والهمزة المغنية عن أي - عند أمن اللبس، وتكون " أم " متصلة كما كانت والهمزة موجودة، ومنه قراءة ابن محيصن: (سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم) بإسقاط الهمزة من " أنذرتهم "، وقول الشاعر: 294 - لعمرك ما أدرى وإن كنت داريا * بسبع رمين الجمر أم بثمان أي: أبسبع.
* * *
(2/230)



وبانقطاع وبمعنى " بل " وفت * إن تك مما قيدت به خلت أي: إذا لم يتقدم على " أم " همزة التسوية، ولا همزة مغنية عن أي، فهى منقطعة وتفيد الاصراب كبل، كقوله تعالى: (لا ريب فيه من رب العالمين، أم يقولون افتراه) أي: بل يقولون افتراه، ومثله " إنها لا بل أم شاء " أي: بل هي شاء.
* * * خير، أبح، قسم - بأو - وأبهم، * واشكك، وإضراب بها أيضا نمى
(2/231)



أي: تستعمل " أو " للتخيير، نحو " خذ من مالى درهما أو دينارا " وللاباحة نحو " جالس الحسن أو ابن سيرين، والفرق بين الاباحة والتخيير: أن الاباحة لا تمنع الجمع، والتخيير يمنعه، وللتقسيم، نحو " الكلمة اسم، أو فعل، أو حرف " وللابهام على السامع، نحو " جاء زيد أو عمرو " إذا كنت
عالما بالجائى منهما وقصدت الابهام على السامع، [ ومنه قوله تعالى: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ]، وللشك، نحو " جاء زيد أو عمرو " إذا كنت شاكا في الجائى منهما، وللاضراب كقوله: 295 - ماذا ترى في عيال قد برمت بهم * لم أحص عدتهم إلا بعداد
(2/232)



كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية * لولا رجاؤك قد قتلت أو لادى أي: بل زادوا.
وربما عاقبت الواو، إذا * لم يلف ذو النطق للبس منفذا قد تستعمل " أو " بمعنى الواو عند أمن اللبس، كقوله: 296 - جاء الخلافة أو كانت له قدرا * كما أتى ربه موسى على قدر أي وكانت له قدرا
(2/233)



ومثل " أو " في القصد " إما " الثانية * في نحو: " إما ذى وإما النائيه " يعنى أن " إما " المسبوقة بمثلها تفيد ما تفيده " أو ": من التخيير، نحو: " خذ من مالى إما درهما وإما دينارا " والاباحة، نحو: " جالس إما الحسن وإما ابن سيرين " والتقسيم، نحو: " الكلمة إما اسم وإما فعل وإما حرف " والابهام والشك، نحو: " جاء إما زيد وإما عمرو ".
وليست " إما " هذه عاطفة، خلافا لبعضهم، وذلك لدخول الواو عليها، وحرف العطف لا يدخل على حرف [ العطف ].
* * *
(2/234)



وأول " لكن " نفيا لو نهيا، و " لا " * نداء أو أمرا أو اثباتا تلا أي: إنما يعطف بلكن بعد النفى، نحو: " ما ضربت زيدا لكن عمرا "
وبعد النهى، نحو: " لا تضرب زيدا لكن عمرا "، ويعطف ب " لا " بعد النداء، نحو: " يا زيد لا عمرو " والامر، نحو: " اضرب زيدا لا عمرا " وبعد الاثبات، نحو: " جاء زيد لا عمرو " ولا يعطف ب " لا " بعد النفى، نحو: " ما جاء زيد لا عمرو " ولا يعطف ب " لكن " في الاثبات، نحو: " جاء زيد لكن عمرو ".
* * * وبل كلكن بعد مصحوبيها * كلم أكن في مربع بل تيها
(2/235)



وانقل بها للثان حكم الاول * في الخبر المثبت، والامر الجلى يعطف ببل في النفى والنهى، فتكون كلكن: في أنها تقرر حكم ما قبلها، وتثبت تفيضه لما بعدها، نحو: " ما قام زيد بل عمرو، ولا تضرب زيدا بل عمرا " ففررت النفى والنهى السابقين، وأثبتت القيام لعمرو، والامر بضربه.
ويعطف بها في الخبر المثبت، والامر، فتفيد الاضراب عن الاول، وتنقل الحكم إلى الثاني، حتى يصير الاول كأنه مسكوت عنه، نحو: " قام زيد بل عمرو، واضرب زيدا بل عمرا ".
* * * وإن على ضمير رفع متصل * عطفت فافصل بالضمير المنفصل
(2/236)



أو فاصل ما، وبلا فصل يرد * في النظم فاشيا، وضعفه اعتقد إذا عطفت على ضمير الرفع المتصل وجب أن تفصل بينه وبين ما عطفت عليه بشئ، ويقع الفصل كثيرا بالضمير المنفصل، نحو قوله تعالى: (لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين) فقوله: " وآباؤكم " معطوف على الضمير في " كنتم " وقد فصل ب " أنتم " وورد - أيضا - الفصل بغير الضمير،
وإليه أشار بقوله: " أو فاصل ما " وذلك كالمفعول به، نحو " أكرمتك وزيد "، ومنه قوله تعالى: (جنات عدن يدخلونها ومن صلح)، فمن: معطوف على الواو [ في يدخلونها ]، وصح ذلك للفصل بالمفعول به، وهو الهاء من " يدخلونها " ومثله الفصل بلا النافية، كقوله تعالى: (ما أشركنا ولا آباؤنا)، ف " آباؤنا " معطوف على " نا "، وجاز ذلك الفصل [ بين المعطوف والمعطوف عليه ] بلا.
(2/237)



والضمير المرفوع المستتر في ذلك كالمتصل، نحو: اضرب أنت وزيد "، ومنه قوله تعالى: (اسكن أنت وزوجك الجنة) ف " زوجك " معطوف على الضمير المستتر في " اسكن " وصح ذلك للفصل بالضمير المنفصل - وهو " أنت " - وأشار بقوله: " وبلا فصل يرد " إلى أنه قد ورد في النظم كثيرا العطف على الضمير المذكور بلا فصل، كقوله: 297 - قلت إذ أقبلت وزهر تهادى * كنعاج الفلا تعسفن رملا فقوله: " وزهر " معطوف على الضمير المستتر في " أقبلت ".
(2/238)



وقد ورد ذلك في النثر قليلا، حكى سيبويه رحمه الله تعالى: " مررت برجل سواء والعدم " برفع " العدم " بالعطف على الضمير المستتر في " سواء ".
وعلم من كلام المصنف: أن العطف على الضمير المرفوع المنفصل لا يحتاج إلى فصل، نحو " زيد ما قام إلا هو وعمرو " وكذلك الضمير المنصوب المتصل والمنفصل، نحو " زيد ضربته وعمرا، وما أكرمت إلا إياك وعمرا ".
وأما الضمير المجرور فلا يعطف عليه إلا بإعادة الجار له، نحو " مررت بك
وبزيد " ولا يجوز " مررت بك وزيد ".
هذا مذهب الجمهور، وأجاز ذلك الكوفيون، واختاره المصنف، وأشار إليه بقوله: وعود خافض لدى عطف على * ضمير خفض لازما قد جعلا وليس عندي لازما، إذا قد أتى * في النثر والنظم الصحيح مثبتا
(2/239)



أي: جعل جمهور النحاة إعادة الخافض - إذا عطف على ضمير الخفض - لازما، ولا أقول به، لورود السماع: نثرا، ونظما، بالعطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، فمن النثر قراءة حمزة (واتقوا الله الذى تساءلون به والارحام) بجر " الارحام " عطفا على الهاء المجرورة بالباء، ومن النظم ما أنشده سيبويه، رحمه الله تعالى: 298 - فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا * فاذهب فما بك والايام من عجب بجر " الايام " عطفا على الكاف المجرورة بالباء.
* * *
(2/240)



والفاء قد تحذف مع ما عطفت * والواو، إذ لا لبس، وهى انفردت بعطف عامل مزال قد بقى * معموله، دفعا لوهم اتقى
(2/241)



قد تحذف الفاء مع معطوفها للدلالة، ومنه قوله تعالى: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) أي: فأفطر فعليه عدة من أيام أخر، فحذف " أفطر " والفاء الداخلة عليه، وكذلك الواو، ومنه قولهم: " راكب الناقة طليحان " أي.
راكب الناقة والناقة طليحان.
وانفردت الواو - من بين حروف العطف - بأنها تعطف عاملا محذوفا بقى معموله، ومنه قوله:
299 - إذا ما الغانيات برزن يوما * وزججن الحواجب والعيونا
(2/242)



ف " العيون ": مفعول بفعل محذوف، والتقدير: وكحلن العيون، والفعل المحذوف معطوف على " زججن ".
* * * وحذف متبوع بدا - هنا - استبح * وعطفك الفعل على الفعل يصح قد يحذف المعطوف عليه للدلالة عليه، وجعل منه قوله تعالى: (أفلم تكن آياتى تتلى عليكم) قال الزمخشري: التقدير: ألم تأتكم [ آياتى فلم تكن تتلى عليكم ] فحذف المعطوف عليه، وهو " ألم تأتكم ".
(2/243)



وأشار بقوله: " وعطفك الفعل - إلى آخره " إلى أن العطف ليس مختصا بالاسماء، بل يكون فيها وفي الافعال، نحو " يقوم زيد ويقعد، وجاء زيد وركب، واضرب زيدا وقم ".
* * * واعطف على اسم شبه فعل فعلا * وعكسا استعمل تجده سهلا يجوز أن يعطف الفعل على الاسم المشبه للفعل، كاسم الفاعل، ونحوه، ويجوز أيضا عكس هذا، وهو: أن يعطف على الفعل الواقع موقع الاسم اسم، فمن الاول قوله تعالى: [ (فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا) وجعل منه [ قوله تعالى: ] (إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله)، ومن الثاني قوله: 300 - فألفيته يوما يبير عدوه * ومجر عطاء يستحق المعابرا
(2/244)



وقوله: 301 - بات يغشيها بعضب باتر * يقصد في أسوقها وجائر
ف " مجر ": معطوف على " يبير "، و " جائر ": معطوف على " يقصد ".
* * *
(2/245)

الموضوع التالي


البدل

الموضوع السابق


العطف