النداء
 

النداء وللمنادى الناء أو كالناء " يا، * وأى، وآ " كذا " أيا " ثم " هيا " والهمز للدانى، و " وا " لمن ندب * أو " يا " وغير " وا " لدى اللبس اجتنب لا يخلو المنادى من أن يكون مندوبا، أو غيره، فإن كان غير مندوب: فإما أن يكون بعيدا، أو في حكم البعيد - كالنائم والساهى - أو قريبا، فإن كان بعيدا أو في حكمه فله من حروف النداء: " ياء وأى، وآ، وهيا " وإن كان قريبا فله الهمزة، نحو " أزيد أقبل "، وإن كان مندوبا - وهو
(2/255)



المتفجع عليه، أو المتوجع منه - فله " وا " نحو " وازيداه "، و " واظهراه " و " يا " أيضا، عند عدم التباسه بغير المندوب، فإن التبس تعينت " وا " وامتنعت " يا ".
* * * وغير مندوب، ومضمر، وما * جا مستغاثا قد يعرى فاعلما وذاك في اسم الجنس والمشار له * قل، ومن يمنعه فانصر عاذله لا يجوز حذف حرف النداء مع المندوب، نحو " وازيداه " ولا مع الضمير، نحو " يا إياك قد كفيتك " ولا مع المستغاث، نحو " يالزيد ".
(2/256)



وأما غير هذه فيحذف معها الحرف جوازا، فتقول في " يا زيد أقبل ": " زيد أقبل " وفي " يا عبد الله اركب ": " عبد الله اركب ".
لكن الحذف مع اسم الاشارة قليل، وكذا مع اسم الجنس، حتى إن أكثر
النحويين منعوه، ولكن أجازه طائفة منهم، وتبعهم المصنف، ولهذا قال: " ومن يمنعه فانصر عاذله " أي: انصر من يعذله على منعه، لورود السماع به، فما ورد منه مع اسم الاشارة قوله تعالى: (ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم) أي: يا هؤلاء، وقول الشاعر: 305 - ذا، ارعواء، فليس بعد اشتعال الر * أس شيبا إلى الصبا من سبيل أي: يا ذا، ومما ورد منه مع اسم الجنس قولهم: " أصبح ليل " أي: يا ليل، و " أطرق كرا " أي: يا كرا.
* * *
(2/257)



وابن المعرف المنادى المفراد * على الذى في رفعه قد عهدا لا يخلو المنادى من أن يكون: مفراد، أو مضافا، أو مشبها به.
فإن كان مفردا: فإما أن يكون معرفة، أو نكرة مقصودة، أو نكرة غير مقصودة.
فإن كان مفردا - معرفة، أو نكرة مقصودة - بنى على ما كان يرفع به، فإن كان يرفع بالضمة بنى عليها، نحو " يا زيد " و " يارجل "، وإن كان يرفع بالالف أو بالواو فكذلك، نحو " يا زيدان، ويا رجلان "، و " يا زيدون، ويا رجيلون " ويكون في محل نصب على المفعولية، لان المنادى مفعول [ به ] في المعنى، وناصبه فعل مضمر نابت " يا " منابه، فأصل " يا زيد ": أدعو زيدا، فحذف " أدعو " ونابت " يا " منابه.
* * *
(2/258)



وانو انضمام ما بنوا قبل الندا * وليجر مجرى ذى بناء جددا أي: إذا كان الاسم المنادى مبنيا قبل النداء قدر - بعد النداء - بناؤه على الضم، نحو " يا هذا ".
ويجرى مجرى ما تجدد بناؤه بالنداء كزيد: في أنه
يتبع بالرفع مراعاة للضم المقدر فيه، وبالنصب مراعاة للمحل، فتقول " يا هذا العاقل، والعاقل " بالرفع والنصب، كما تقول: " يا زيد الظريف، والظريف ".
* * * والمفرد المنكور، والمضافا * وشبهه - انصب عادما خلافا تقدم أن المنادى إذا كان مفراد معرفة أو نكرة مقصودة يبنى على ما كان يرفع به، وذكر هنا أنه إذا كان مفردا نكرة: أي غير مقصودة، أو مضافا، أو مشبها به - نصب.
(2/259)



فمثال الاول قول الاعمى " يا رجلا خذ بيدى " وقول الشاعر: 306 - أيا راكبا إما عرضت فبلغا * نداماى من نجران أن لا تلاقيا ومثال الثاني قولك: " يا غلام زيد "، و " يا ضارب عمرو ".
ومثال الثالث قولك " يا طالعا جبلا، ويا حسنا وجهه، ويا ثلاثة وثلاثين " [ فيمن سميته بذلك ].
* * *
(2/260)



وكذلك يجوز الفتح والكسر إذا وقعت " إن " بعد فاء الجزاء، نحو " من يأتنى فإنه مكرم " فالكسر على جعل " إن " ومعموليها جملة أجيب بها الشرط، فكأنه قال: من يأتنى فهو مكرم، والفتح على جعل " أن " وصلتها مصدرا مبتدأ والخبر محذوف، والتقدير " من يأتنى فإكرامه موجود " ويجوز أن يكون خبرا والمبتدأ محذوفا، والتقدير " فجزاؤه الاكرام ".
ومما جاء بالوجهين قوله تعالى: (كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة تم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم) قرئ (فإنه غفور رحيم) بالفتح [ والكسر، فالكسر على جعلها جملة جوابا
لمن، والفتح ] على جعل أن وصلتها مصدرا مبتدأ خبره محذوف، والتقدير " فالغفران جزاؤه " أو على جعلها خبرا لمبتدأ محذوف، والتقدير " فجزاؤه الغفران ".
وكذلك يجوز الفتح والكسر إذا وقعت " أن " بعد متبدأ هو في المعنى قول وخبر " إن " قول، والقائل واحد، نحو " خير القول إنى أحمد [ الله ] " فمن فتح جعل " أن " وصلتها مصدرا خبرا عن " خير "، والتقدير " خير القول حمد لله " ف " خير ": مبتدأ، و " حمد لله ": خبره، ومن كسر جعلها جملة خبرا عن " خير " كما تقول " أول قراءتى (سبح اسم ربك الاعلى) " فأول: مبتدأ، و " سبح اسم ربك الاعلى " جملة خبر عن " أول " وكذلك " خير القول " مبتدأ، و " إنى أحمد الله " خبره، ولا تحتاج هذه
(2/261)



أي: إذا لم يقع " ابن " بعد علم، أو [ لم ] يقع بعده علم، وجب ضم المنادى، وامتنع فتحه، فمثال الاول نحو " يا غلام ابن عمرو، ويا زيد الظريف ابن عمرو " ومثال الثاني: " يا زيد ابن أخينا: فيجب بناء " زيد " على الضم في هذه الامثلة، ويجب إثبات ألف " ابن " والحالة هذه.
* * * واضمم، أو انصب - ما اضطرارا نونا * مما له استحقاق ضم بينا تقدم أنه إذا كان المنادى مفراد معرفة، أو نكرة مقصودة - يجب بناؤه على الضم، وذكر هنا أنه إذا اضطر شاعر إلى تنوين هذا المنادى كان له تنوينه وهو مضموم، وكان له نصبه، وقد ورد السماع بهما، فمن الاول قوله: 307 - سلام الله يا مطر عليها * وليس عليك يا مطر السلام
(2/262)



ومن الثاني قوله: 308 - ضربت صدرها إلى، وقالت: * يا عديا لقد وقتك الاواقى * * * وباضطرار خص جمع " يا " و " أل " * إلا مع " الله " ومحكى الجمل
(2/263)



والاكثر " اللهم " بالتعويض * وشذ " يا اللهم " في قريض لا يجوز الجمع بين حرف النداء، و " أل " في غير اسم الله تعالى، وما سمى به من الجمل، إلا في ضرورة الشعر كقوله: 309 - فيا الغلامان اللذان فرا * إياكما أن تعقبانا شرا
(2/264)



وأما مع اسم الله تعالى ومحكى الجمل فيجوز، فتقول: " يا ألله " بقطع الهمزة ووصلها، وتقول فيمن اسمه " الرجل منطلق ": " يا الرجل منطلق أقبل ".
والاكثر في نداء اسم الله " اللهم " بميم مشددة معوضة من حرف النداء، وشذ الجمع بين الميم وحرف النداء في قوله: 310 - إنى إذا ما حدث ألما * أقول: يا اللهم، يا اللهما * * *
(2/265)

الموضوع السابق


البدل