إعراب الفعل
 

إعراب الفعل ارفع مضارعا إذا يجرد * من ناصب وجازم، ك " تسعد " إذا جرد [ الفعل ] المضارع عن عامل النصب وعامل الجزم رفع، واختلف في رافعه، فذهب قوم إلى أنه ارتفع لوقوعه موقع الاسم، ف " يضرب " في قولك: " زيد يضرب " واقع موقع " ضارب " فارتفع لذلك، وقيل: ارتفع لتجرده من الناصب والجازم، وهو اختيار المصنف.
* * * وبلن انصبه وكى، كذا بأن * لا بعد علم، والتى من بعد ظن فانصب بها، والرفع صحح، واعتقد * تخفيفها من أن، فهو مطرد
(2/341)



ينصب المضارع إذا صحبه حرف ناصب، وهو " لن، أو كى، أو أن، أو إذن " نحو " لن أضرب، وجئت كى أتعلم، وأريد أن تقوم، وإذن أكرمك - في جواب من قال لك: آتيك ".
وأشار بقوله " لا بعد علم " إلى أنه إن وقعت " أن " بعد علم ونحوه - مما يدل على اليقين - وجب رفع الفعل بعدها، وتكون حينئذ مخففة من الثقيلة، نحو " علمت أن يقوم "، التقدير: أنه يقوم، فخففت أن، وحذف اسمها، وبقى خبرها، وهذه هي غير الناصبة للمضارع، لان هذه ثنائية لفظا ثلاثية وضعا، وتلك ثنائية لفظا ووضعا.
وإن وقعت بعد ظن ونحوه - مما يدل على الرجحان - جاز في الفعل بعدها وجهان: أحدهما: النصب، على جعل " أن " من نواصب المضارع.
الثاني: الرفع، على جعل " أن " مخففة من الثقيلة.
فتقول: " ظننت أن يقوم، وأن يقوم " والتقدير - مع الرفع - ظننت أنه يقوم، فخففت " أن " وحذف اسمها، وبقى خبرها، وهو الفعل وفاعله.
* * *
(2/342)



وبعضهم أهمل " أن " حملا على * " ما " أختها حيث استحقت عملا يعنى أن من العرب من لم يعمل " أن " الناصبة للفعل المضارع، وإن وقعت بعد ما لا يدل على يقين أو رجحان، فيرفع الفعل بعدها حملا على أختها " ما " المصدرية، لاشتراكهما في أنهما يقدر ان بالمصدر، فتقول: " أريد أن تقوم " كما تقول: " عجبت ما تفعل ".
* * * ونصبوا بإذن المستقبلا * إن صدرت، والفعل بعد، موصلا
(2/343)



أو قبله اليمين، وانصب وارفعا * إذا " إذن " من بعد عطف وقعا تقدم أن من جملة نواصب المضارع " إذن " ولا ينصب بها إلا بشروط: أحدها: أن يكون الفعل مستقبلا الثاني: أن تكون مصدرة.
الثالث: أن لا يفصل بينها و بين منصوبها.
وذلك نحو أن يقال: أنا آتيك، فتقول: " إذن أكرمك ".
فلو كان الفعل بعدها حالا لم ينصب، نحو أن يقال: أحبك، فتقول: " إذن أظنك صادقا "، فيجب رفع " أظن " وكذلك يجب رفع الفعل بعدها إن لم تتصدر، نحو " زيد إذن يكرمك "، فإن كان المتقدم عليها حرف عطف جاز في الفعل، الرفع، والنصب، نحو " وإذن أكرمك "، وكذلك يجب
(2/344)



رفع الفعل بعدها إن فصل بينها وبينه، نحو " إذن زيد يكرمك " فإن فصلت بالقسم نصبت، نحو " إذن والله أكرمك ".
* * * وبين " لا " ولام جر التزم * إظهار " أن " ناصبة، وإن عدم " لا " فأن اعلم مظهرا أو مضمرا * وبعد نفى كان حتما أضمرا كذك بعد " أو " إذا يصلح في * موضعها " حتى " أو " الا " أن خفى
(2/345)



اختصت " أن " من بين نواصب المضارع بأنها تعمل: مظهرة، ومضمرة.
فتظهر وجوبا إذا وقعت بين لام الجر ولا النافية، نحو " جئتك لئلا تضرب زيدا ".
وتظهر جوازا إذا وقعت بعد لام الجر ولم تصحبها لا النافية، نحو " جئتك لاقرأ " و " لان أقرأ "، هذا إذا لم تسبقها " كان " المنفية.
فإن سبقتها " كان " المنفية وجب إضمار " أن "، نحو " ما كان زيد ليفعل " ولا تقول: " لان يفعل " قال الله تعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم).
ويجب إضمار " أن " بعد " أو " المقدرة بحتى، أو إلا، فتقدر بحتى إذا كان الفعل الذى قبلها [ مما ] ينقضى شيئا فشيئا، وتقدر بإلا إن لم يكن كذلك، فالاول كقوله: 322 - لاستسهلن الصعب أو أدرك المنى * فما انقادت الآمال إلا لصابر
(2/346)



أي: لاستسهلن الصعب حتى أدرك المنى، ف " أدرك ": منصوب ب " أن " المقدرة بعد أو التى بمعنى حتى، وهى واجبه الاضمار، والثانى كقوله: 323 - وكنت إذا غمزت قناة قوم * كسرت كعوبها أو تستقيما
(2/347)



أي: كسرت كعوبها إلا أن تستقيم، ف " تستقيم ": منصوب ب " أن " بعد " أو " واجبة الاضمار.
* * * وبعد حتى هكذا إضمار " أن " * حتم، ك " جد حتى تسر ذا حزن " ومما يجب إضمار " أن " بعده: حتى، نحو " سرت حتى أدخل البلد "، ف " حتى ": حرف [ جر ] و " أدخل ": منصوب بأن المقدرة بعد حتى، هذا إذا كان الفعل بعدها مستقبلا.
فإن كان حالا، أو مؤولا بالحال - وجب رفعه، وإليه الاشارة بقوله: وتلو حتى حالا أو مؤولا * به ارفعن، وانصب المستقبلا
(2/348)



فتقول: " سرت حتى أدخل البلد " بالرفع، إن قلته وأنت داخل، وكذلك إن كان الدخول قد وقع، وقصدت به حكاية تلك الحال، نحو " كنت سرت حتى أدخلها ".
* * * وبعد فاجواب نفى أو طلب * محضين " أن " وسترها حتم، نصب يعنى أن " أن " تنصب - وهى واجبة الحذف - الفعل المضارع بعد الفاء المجاب بها نفى محض، أو طلب محض، فمثال النفى " ما تأتينا فتحدثنا " وقد قال تعالى: (لا يقضى عليهم فيموتوا)، ومعنى كون النفى محضا: أن يكون خالصا من معنى الاثبات، فإن لم يكن خالصا منه وجب رفع ما بعد الفاء، نحو
(2/349)



" ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا "، ومثال الطلب - وهو يشمل: الامر، والنهى، والدعاء، والاستفهام، والعرض، والتحضيض، والتمنى - فالامر نحو " ائتنى فأكرمك " ومنه:
324 - يا ناق سيرى عنقا فسيحا * إلى سليمان فنستريحا والنهى نحو " لا تضرب زيدا فيضربك " ومنه قوله تعالى: (لا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبى) والدعاء نحو " رب انصرني فلا أخذل " ومنه: 325 - رب وفقني فلا أعدل عن * سنن الساعين في خير سنن
(2/350)



والاستفهام نحو " هل تكرم زيدا فيكرمك ؟ " ومنه قوله تعالى: (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا ؟)، والعرض نحو " ألا تنزل عندنا فتصيب خيرا " ومنه قوله: 326 - يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما * قد حدثوك فما راء كمن سمعا ؟
(2/351)



والتحضيض نحو " لولا تأتينا فتحدثنا "، ومنه [ قوله تعالى ]: (لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين)، والتمنى نحو " ليت لى مالا فأتصدق منه "، ومنه قوله تعالى: (يا ليتنى كنت معهم فأفوز فوزا عظيما).
ومعنى " أن يكون الطلب محضا " أن لا يكون مدلولا عليه باسم فعل، ولا بلفظ الخبر، فإن كان مدلولا عليه بأحد هذين المذكورين وجب رفع ما بعد الفاء، نحو " صه فأحسن إليك، وحسبك الحديث فينام الناس ".
* * * والواو كالفا، إن تفد مفهوم مع، * كلا تكن جلدا وتظهر الجزع يعنى أن المواضع التى ينصب فيها المضارع بإضمار " أن " وجوبا بعد الفاء ينصب فيها كلها ب " أن " مضمرة وجوبا بعد الواو إذا قصد بها المصاحبة، نحو (ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) وقوله:
(2/352)



327 - فقلت ادعى وأدعو، إن أندى * لصوت أن ينادى داعيان وقوله: 328 - لاتنه عن خلق وتأتى مثله * عار عليك - إذا فعلت - عظيم
(2/353)



وقوله: 329 - ألم الجار كم ويكون بينى * وبينكم المودة والاخاء ؟
(2/354)



واحترز بقوله: " إن تفد مفهوم مع " عما إذا لم تفد ذلك، بل أردت التشريك بين الفعل والفعل، أو أردت جعل ما بعد الواو خبرا لمبتدأ محذوف، فإنه لا يجوز حينئذ النصب، ولهذا جاز فيما بعد الواو في قولك: " لا تأكل السمك وتشرب اللبن " ثلاثة أوجه: الجزم على التشريك بين الفعلين، نحو " لا تأكل السمك وتشرب اللبن " والثانى: الرفع على إضمار مبتدأ، نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن " أي: وأنت تشرب اللبن، والثالث: النصب على معنى النهى عن الجمع بينهما، نحو: " لا تأكل السمك وتشرب اللبن " أي: لا يكن منك أن تأكل السمك وأن تشرب اللبن، فينصب هذا الفعل بأن مضمرة.
* * * وبعد غير النفى جزما اعتمد * إن تسقط الفا والجزاء قد قصد يجوز في جواب غير النفى، من الاشياء التى سبق ذكرها، أن تجزم إذا
(2/355)



سقطت الفاء وقصد الجزاء، نحو " زرنى أزرك "، وكذلك الباقي، وهل هو مجزوم بشرط مقدر، أي: زرنى فإن تزرنى أزرك، أو بالجملة قبله ؟ قولان، ولا يجوز الجزم في النفى، فلا تقول: " ما تأتينا تحدثنا ".
* * * وشرط جزم بعد نهى أن تضع * " إن " قبل " لا " دون تخالف يقع لا يجوز الجزم عند سقوط الفاء بعد النهى، إلا بشرط أن يصح المعنى بتقدير دخول إن [ الشرطية ] على لا، فتقول: " لا ندن من الاسد تسلم " بجزم " تسلم "، إذ يصح " إن لا تدن من الاسد تسلم " ولا يجوز الجزم في قولك: " لا تدن من الاسد يأكلك "، إذ لا يصح " إن لا تدن من الاسد يأكلك "،
(2/356)



وأجاز الكسائي ذلك، بناء على أنه لا يشترط عنده دخول " إن " على " لا "، فجزمه على معنى " إن تدن من الاسد يأكلك ".
* * * والامر إن كان بغير افعل فلا * تنصب جوابه، وجزمه اقبلا قد سبق أنه إذا كان الامر مدلولا عليه باسم فعل، أو بلفظ الخبر، لم يجز نصبه بعد الفاء، وقد صرح بذلك هنا، فقال: متى كان الامر بغير صيغة افعل ونحوها فلا ينتصب جوابه، ولكن لو أسقطت الفاء جزمته كقولك: " صه أحسن إليك، وحسبك الحديث ينم الناس " وإليه أشار بقوله: " وجزمه اقبلا ".
* * * والفعل بعد الفاء في الرجا نصب * كنصب ما إلى التمنى ينتسب
(2/357)



أجاز الكوفيون قاطبة ان يعامل الرجله معاملة التمنى، فينصب جوابه المقرون بالفاء، كما نصب جواب التمنى، وتابعهم المصنف، ومما ورد منه قوله تعالى: (لعلى أبلغ الاسباب أسباب السموات فأطلع) في قراءة من نصب " أطلع " وهو حفص من عاصم.
* * * وإن على اسم خالص فعل عطف * تنصبه " أن ": ثابتا، أو منحذف يجوز أن ينصب بأن محذوفة أو مذكورة، بعد عاطف تقدم عليه اسم
خالص: أي غير مقصود به معنى الفعل، وذلك كقوله: 330 - ولبس عباءة وتقر عينى * أحب إلى من لبس الشفوف
(2/358)



ف " تقر " منصوب ب " أن " محذوفة، وهى جائزة الحذف، لان قبله اسما صريحا، وهو لبس، وكذلك قوله: 331 - [ إنى وقتلى سليسكا ثم أعقله * كالثور يضرب لما عافت البقر
(2/359)



ف " أعقله ": منصوب ب " أن " محذوفة، وهى جائزة الحذف، لان قبله اسما صريحا، وهو " قتلى "، وكذلك قوله ]: 332 - لولا توقع معتر فأرضيه * ما كنت أوثر إترابا على ترب
(2/360)



ف " أرضيه ": منصوب " بأن " محذوفة جوازا بعد الفاء، لان قبلها اسما صريحا - وهو " توقع " - وكذلك قوله تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا) ف " يرسل ": منصوب ب " أن " الجائزة الحذف، لان قبله " وحيا " وهو اسم صريح.
فإن كان الاسم غير صريح أي: مقصودا به معنى الفعل - لم يجز النصب، نحو " الطائر فيغضب زيد الذباب " ف " يغضب ": يجب رفعه، لانه معطوف على " طائر " وهو اسم غير صريح، لانه واقع موقع الفعل، من جهة أنه صلة لال، وحق الصلة أن تكون جملة، فوضع " طائر " موضع " يطير "
(2/361)



- والاصل " الذى يطير " - فلما جئ بأل عدل عن الفعل [ إلى اسم الفاعل ] لاجل أل، لانها لا تدخل إلا على الاسماء.
* * * وشذ حذف " أن " ونصب، في سوى * ما مر، فاقبل منه ما عدل روى لما فرغ من ذكر الاماكن التى ينصب فيها ب " أن " محذوفة - إما وجوبا، وإما جوازا - ذكر أن حذف " أن " والنصب بها في غير ما ذكر شاذلا يقاس عليه، ومنه قولهم: " مره يحفرها " بنصب " يحفر " أي: مره أن يحفرها، ومنه [ قولهم ] " خذ اللص قبل يأخذك " أي: قبل أن يأخذك، ومنه قوله: 333 - ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى * وأن أشهد اللذات، هل أنت مخلدى ؟ في رواية من نصب " أحضر " أي: أن أحضر.
* * *
(2/362)

الموضوع التالي


عوامل الجزم

الموضوع السابق


مالا ينصرف