المقدمة
 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَوْضَحَ لَنَا مَعَالِمَ الدِّينِ , وَمَنَّ عَلَيْنَا بِالْكِتَابِ الْمُبِينِ , وَشَرَعَ لَنَا مِنْ الْأَحْكَامِ , وَفَصَّلَ لَنَا مِنْ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مَا جَعَلَهُ عَلَى الدُّنْيَا حُكْمًا تَقَرَّرَتْ بِهِ مَصَالِحُ الْخَلْقِ , وَثَبَتَتْ بِهِ قَوَاعِدُ الْحَقِّ , وَوَكَّلَ إلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ مَا أَحْسَنَ فِيهِ التَّقْدِيرَ , وَأَحْكَمَ بِهِ التَّدْبِيرَ , فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَدَّرَ وَدَبَّرَ , وَصَلَوَاتُهُ وَسَلَامُهُ عَلَى رَسُولِهِ الَّذِي صَدَعَ بِأَمْرِهِ , وَقَامَ بِحَقِّهِ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ . وَلَمَّا كَانَتْ الْأَحْكَامُ السُّلْطَانِيَّةُ بِوُلَاةِ الْأُمُورِ أَحَقَّ , وَكَانَ امْتِزَاجُهَا بِجَمِيعِ الْأَحْكَامِ يَقْطَعُهُمْ عَنْ تَصَفُّحِهَا مَعَ تَشَاغُلِهِمْ بِالسِّيَاسَةِ وَالتَّدْبِيرِ , أَفْرَدْتُ لَهَا كِتَابًا امْتَثَلْتُ فِيهِ أَمْرَ مَنْ لَزِمَتْ طَاعَتُهُ , لِيَعْلَمَ مَذَاهِبَ الْفُقَهَاءِ فِيمَا لَهُ مِنْهَا فَيَسْتَوْفِيهِ , وَمَا عَلَيْهِ مِنْهَا فَيُوَفِّيهِ ; تَوَخِّيًا لِلْعَدْلِ فِي تَنْفِيذِهِ وَقَضَائِهِ , وَتَحَرِّيًا لِلنَّصَفَةِ فِي أَخْذِهِ وَعَطَائِهِ , وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى حُسْنَ مَعُونَتِهِ , وَأَرْغَبُ إلَيْهِ فِي تَوْفِيقِهِ وَهِدَايَتِهِ , وَهُوَ حَسْبِي وَكَفَى .
( أَمَّا بَعْدُ )
. ( أَمَّا بَعْدُ ) فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ نَدَبَ لِلْأُمَّةِ زَعِيمًا خَلَفَ بِهِ النُّبُوَّةَ , وَحَاطَ بِهِ الْمِلَّةَ , وَفَوَّضَ إلَيْهِ السِّيَاسَةَ , لِيَصْدُرَ التَّدْبِيرُ عَنْ دِينٍ مَشْرُوعٍ , وَتَجْتَمِعَ الْكَلِمَةُ عَلَى رَأْيٍ مَتْبُوعٍ فَكَانَتْ الْإِمَامَةُ أَصْلًا عَلَيْهِ اسْتَقَرَّتْ قَوَاعِدُ الْمِلَّةِ , وَانْتَظَمَتْ بِهِ مَصَالِحُ الْأُمَّةِ حَتَّى اسْتَثْبَتَتْ بِهَا الْأُمُورُ الْعَامَّةُ , وَصَدَرَتْ عَنْهَا الْوِلَايَاتُ الْخَاصَّةُ , فَلَزِمَ تَقْدِيمُ حُكْمِهَا عَلَى كُلِّ حُكْمٍ سُلْطَانِيٍّ , وَوَجَبَ ذِكْرُ مَا اخْتَصَّ بِنَظَرِهَا عَلَى كُلِّ نَظَرٍ دِينِيٍّ , لِتَرْتِيبِ أَحْكَامِ الْوِلَايَاتِ عَلَى نَسَقٍ مُتَنَاسِبِ الْأَقْسَامِ , مُتَشَاكِلِ الْأَحْكَامِ . وَاَلَّذِي تَضَمَّنَهُ هَذَا الْكِتَابُ مِنْ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْوِلَايَاتِ الدِّينِيَّةِ عِشْرُونَ بَابًا ,
فَالْبَابُ الْأَوَّلُ : فِي عَقْدِ الْإِمَامَةِ .
وَالْبَابُ الثَّانِي : فِي تَقْلِيدِ الْوَزَارَةِ .
وَالْبَابُ الثَّالِثُ : فِي تَقْلِيدِ الْإِمَارَةِ عَلَى الْبِلَادِ .
وَالْبَابُ الرَّابِعُ : فِي تَقْلِيدِ الْإِمَارَةِ عَلَى الْجِهَادِ .
وَالْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْوِلَايَةِ عَلَى الْمَصَالِحِ .
وَالْبَابُ السَّادِسُ : فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ .
وَالْبَابُ السَّابِعُ : فِي وِلَايَةِ الْمَظَالِمِ .
وَالْبَابُ الثَّامِنُ : فِي وِلَايَةِ النِّقَابَةِ عَلَى ذَوِي الْأَنْسَابِ .
وَالْبَابُ التَّاسِعُ : فِي الْوِلَايَةِ عَلَى إمَامَةِ الصَّلَوَاتِ .
وَالْبَابُ الْعَاشِرُ : فِي الْوِلَايَةِ عَلَى الْحَجِّ .
وَالْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ : فِي وِلَايَةِ الصَّدَقَاتِ .
وَالْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ : فِي قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ .
وَالْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ : فِي وَضْعِ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ .
وَالْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ : فِيمَا تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهُ مِنْ الْبِلَادِ .
وَالْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ : فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَاسْتِخْرَاجِ الْمِيَاهِ .
وَالْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ : فِي الْحِمَى وَالْأَرْفَاقِ .
وَالْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ : فِي أَحْكَامِ الْإِقْطَاعِ .
وَالْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ : فِي وَضْعِ الدِّيوَانِ وَذِكْرِ أَحْكَامِهِ .
وَالْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ : فِي أَحْكَامِ الْجَرَائِمِ .
وَالْبَابُ الْعِشْرُونَ : فِي أَحْكَامِ الْحِسْبَةِ .