فصل في أعذار القائلين بهذه الأقوال ، وبيان منشأ الوهم والغلط
 
أما عُذر مَن قال : اعتمر فى رجب ، فحديث عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما ، أن النبى صلى الله عليه وسلم اعتمر فى رجب متفق عليه . وقد غلَّطته عائشةُ وغيرُها ، كما فى ((الصحيحين )) عن مجاهد ، قال : دخلتُ أنا وعُروةُ بن الزبير المسجد ، فإذا عبد اللَّه بن عمر جالساً إلى حُجْرَةِ عائشة ، وإذا ناسٌ يُصلُّون فى المسجد صلاةَ الضحى ، قال : فسألناه عن صلاتهم . فقال : بدعة . ثم قُلنا له : كم اعتمر رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أربعاً . إحداهن : فى رجب ، فكرهنا أن نَرُدَّ عليه . قال : وسمعنا استنانَ عائشةَ أُمِّ المؤمنين فى الحُجْرَةِ ، فقال عروةُ : يا أُمَّه أو يا أُمَّ المؤمنين ألا تسمعينَ ما يقولُ أبو عبد الرحمن ؟ قالت : ما يقولُ؟ قال : يقول : إنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم اعتمر أربَع عُمَرٍ ، إحداهن فى رجب . قالت : يرحَمُ اللَّهُ أبا عبد الرحمن ، ما اعتمر عُمْرةً قطُّ إلا وهو شاهِدٌ ، وما اعتمر فى رجب قط . وكذلك قال أنس ، وابنُ عباس : إن عُمَرَه كُلَّها كانت فى ذى القِعْدة ، وهذا هو الصواب .