فصل في أن من هَدْيه صلى الله عليه وسلم عدم اشتراط كون البِذر من رب الأرض
 
ومنها: أنه دفع إليهم الأرضَ على أن يعملُوها مِن أموالهم، ولم يدفع إليهم البِذْرَ، ولا كان يَحمِلُ إليهم البِذرَ من المدينة قطعاً، فدل على أن هَدْيَه عدمُ اشتراط كونِ البِذر مِن ربِّ الأرض، وأنه يجوز أن يكون من العامل، وهذا كان هَدْىَ خلفائه الراشدينَ مِن بعده، وكما أنه هو المنقولُ، فهو الموافقُ للقياس، فإن الأرضَ بمنزلة رأس المال فى القِراض، والبِذر يجرى مجرى سقى الماء، ولهذا يموتُ فى الأرض، ولا يرجعُ إلى صاحبه، ولو كان بمنزلة رأس مال المضاربة لاشْتُرِطَ عودُه إلى صاحبه، وهذا يُفسِدُ المزارعة، فعُلِمَ أن القياسَ الصحيح هو الموافق لهَدْى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين فى ذلك.. والله أعلم.