فصل فى جواز الدفن ليلاً
 
ومنها: جواز الدفن بالليل، كما دفن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذا البِجادين ليلاً، وقد سُئل أحمد عنه، فقال: وما بأسٌ بذلك. وقال: أبُو بكر دُفِنَ ليلاً، وعلىّ دفن فاطمة ليلاً. وقالت عائشة: سمعنا صوتَ المساحِى من آخِر الليل فى دفن النبى صلى الله عليه وسلم.. انتهى.
ودفن عُثمان، وعائشةُ، وابنُ مسعود ليلاً.
وفى الترمذى عن ابن عباس، أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم دخل قبراً ليلاً، فأُسْرِجَ له سِراج، فأخذه من قِبَل القِبْلة، وقال: ((رحمك الله؛ إن كُنْتَ لأَوَّاهَاً تَلاءً لِلْقُرآن)). قال الترمذى: حديث حسن.
وفى البخارى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن رجل فقال: ((مَنْ هذَا))؟ قالُوا: فُلانٌ دُفِنَ البَارِحَةَ؛ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
فإن قيل: فما تصنعون بما رواه مسلم فى ((صحيحه)) أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم خطب يوماً، فذكر رجلاً مِن أصحابِه قُبضَ فَكُفِّن فى كَفَنٍ غَيْرِ طَائِل، وَقُبِرَ لَيْلاً، فزجَرَ النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُقَبَرَ الرَّجُلُ باللَّيْلِ حتَّى يُصَلَّى عليه إلا أَنْ يُضطرَّ إنْسَانٌ إلَى ذلِكَ؟ قال الإمام أحمد: إليه أذهب.
قيل: نقول بالحديثين بحمد اللهِ، ولا نرُدُّ أحدَهما بالآخر، فنكره الدفنَ بالليل، بل نزجُر عنه إلا لضرورة أو مصلحة راجحة، كميت مات مع المسافرين بالليل، ويتضرَّرون بالإقامة به إلى النهار، وكما إذا خِيف على الميت الانفجارُ، ونحو ذلك من الأسباب المرجحة للدفن ليلاً.. وبالله التوفيق.