فصل في قدوم وفد بنى سَعد هُذَيْم مِن قُضاعة
 
قال الواقدى، عن أبى النعمان، عن أبيه من بنى سعد هُذَيْم: قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وافداً فى نَفَرٍ من قومى، وقد أوطأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم البلادَ غلبةً، وأداخَ العرب، والناسُ صِنفَانِ: إما داخل فى الإسلام راغبٌ فيه، وإما خائفٌ من السيف، فنزلنا ناحيةً من المدينة، ثم خرجنا نؤُمُّ المسجدَ حتى انتهينا إلى بابه، فنجدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى على جِنازة فى المسجد، فقُمنا ناحيةً، ولم ندخل مع الناس فى صلاتهم حتى نلقى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ونبايعَه، ثم انصرف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلينا، فدعا بنا، فقال: ((مَنْ أَنْتُم))؟ فقلنا: من بنى سعد هُذَيْم، فقال: ((أمسلِمُون أَنْتُم))؟ قلنا: نعم. قال: ((فَهَلاَّ صَلَّيتُم عَلى أَخِيكُم))؟ قلنا: يا رسول الله؛ ظننا أنَّ ذلك لا يجوز لنا حتى نُبايعَك، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أَيْنَمَا أَسْلَمْتُم فَأَنْتُم مُسْلِمُون))، قالوا: فأسلمنا وبايعنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، ثم انصرفنا إلى رحالنا قد خلفنا عليها أصغرَنا، فبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فى طلبنا، فَأُتِىَ بنا إليه، فتقدَّم صاحبُنا إليه، فبايعه على الإسلام، فقُلنا: يا رسولَ الله؛ إنه أصغرُنا وإنه خـادِمُنا، فقال: ((أصْغَرُ القَوْم خَادِمُهُم، بَارَكَ اللهُ عَلَيْهِ))، قال: فكان واللهِ خيرَنا، وأقرأَنا للقرآن لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له، ثم أمَّره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم علينا، فكان يَؤُمُّنا، ولما أردنا الانصراف، أمر بلالاً فأجازنا بأواقٍ من فِضَّة لكل رجل منا، فرجعنا إلى قومنا، فرزقهم اللهُ الإسلام.