فصل في قدوم وفد غامد
 
قال الواقدى: وقَدِمَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وفدُ غامد سنة عشر، وهم عشرة، فنزلوا ببقيع الغَرْقَدِ، وهو يومئذ أثْلٌ وطرفاء، ثم انطلقُوا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وخلَّفوا عند رَحْلهم أحدثَهم سِنّاً، فنام عنه، وأتى سارقٌ، فسرق عَيْبةً لأحدهم فيها أثوابٌ له، وانتهى القومُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلَّموا عليه، وأقرُّوا له بالإسلام، وكتب لهم كتاباً فيه شرائعُ مِن شرائع الإسلام، وقال لهم: ((مَنْ خَلَّفْتُم فى رِحَالِكم))؟ فقالوا: أحدثَنا يا رسولَ الله، قال: ((فإنَّه قَدْ نَامَ عَنْ مَتَاعِكُم حَتَّى أتى آتٍ فأَخَذَ عَيْبَةَ أحَدِكُم))، فقال أحدُ القوم: يا رسولَ اللهِ؛ ما لأحد من القوم عَيْبةٌ غيرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فَقَدْ أُخِذَتْ ورُدَّتْ إلى مَوْضِعِها))، فخرج القومُ سِراعاً حتى أتوا رَحْلهم، فوجدوا صاحِبَهم، فسألوه عما أخبرَهُم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال: فزعْتُ مِن نومى، ففقدتُ العَيْبَة، فقمتُ فى طلبها، فإذا رجل قد كان قاعداً، فلما رآنى، فثار يعدو منى، فانتهيتُ إلى حيث انتهى، فإذا أثر حفر، وإذا هو قد غَيَّب العَيْبَة، فاستخرجتها، فقالوا: نشهد أنَّه رسول الله، فإنه قد أخبرنا بأخذها، وأنها قد رُدَّت، فرجعوا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فأخبروه، وجاء الغلامُ الذى خلَّفوه، فأسلم، وأمر النبىُّ صلى الله عليه وسلم أُبَىَّ بنَ كعب، فعلَّمهم قرآناً، وأجازهم كما كان يُجيز الوفود وانصرفوا.