فصل في قدوم وفد الأزد على رسول الله صلى الله عليه وسلم
 
ذكر أبو نعيم فى كتاب ((معرفة الصحابة))، والحافظ أبو موسى المدينى، من حديث أحمد بن أبى الحوارى، قال: سمعت أبا سليمان الدارانى قال: حدَّثنى علقمة بن يزيد بن سويد الأزدىّ، قال: حدَّثنى أبى عن جدى سويد بن الحارث قال: وفدتُ سابعَ سبعةٍ مِن قومى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما دخلنا عليه، وكلَّمناه، أعجبَه ما رأى مِن سمتنا وزِيِّنا، فقال: ((ما أنْتُم))؟ قلنا: مؤمنون، فتبسَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((إنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً، فمَا حَقِيقَةُ قَوْلِكُم وإيمَانِكم))؟ قلنا: خمسَ عشرة خَصْلة، خمسٌ منها أمرتنا بها رُسُلُك أن نُؤمِنَ بها، وخمسٌ أمرتنا أنْ نَعْمَلَ بها، وخمسٌ تخلَّقنا بها فى الجاهلية، فنحن عليها الآن، إلا أن تكره منها شيئاً، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ومَا الخَمْسُ الَّتى أمَرتْكُم بها رُسُلى أنْ تُؤْمِنُوا بها))؟ قلنا: أمَرَتنا أن نُؤمِنَ باللهِ، وملائِكَتِه، وكتبه، ورُسُله، والبعثِ بعدَ الموت. قال: ((ومَا الخَمْسُ التى أمَرْتُكُم أنْ تَعْمَلُوا بها))؟ قلنا: أمرتنا أن نقولَ: لا إله إلا الله، ونُقيمَ الصلاة، ونُؤتِىَ الزكاة، ونصومَ رمضان، ونحجَّ البيت الحرام مَن استطاع إليه سبيلاً، فقال: ((وما الخَمْسُ الَّتِى تَخَلَّقْتُم بِها فى الجَاهِليَّة))؟ قالوا: الشكرُ عند الرخاء، والصبرُ عند البلاء، والرضا بمُرِّ القضاء، والصدق فى مواطن اللِّقاء، وترك الشماتة بالأعداء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حُكَمَاءٌ عُلَمَاء كَادُوا مِنْ فِقْهِهِمْ أنْ يَكُونُوا أَنْبيَاء))، ثم قال: ((وأَنا أزِيدُكُم خَمْساً، فَتَتِمُّ لَكُم عِشْرُونَ خَصْلَةً، إنْ كُنْتُم كما تَقُولُونَ، فَلا تَجْمَعُوا ما لاَ تَأكُلُونَ، ولا تَبْنُوا ما لا تَسْكُنون، ولا تُنافِسُوا فى شَىْءٍ أنتم عَنْه غَداً تَزُولُونَ، واتَّقُوا الله الذى إليه تُرْجَعُونَ وَعَلَيْهِ تُعْرَضُون، وارْغَبُوا فِيما عَلَيْهِ تَقْدمُونَ، وفيه تَخْلُدون))، فانصرف القوم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحفظوا وصيته، وعملوا بها.