فصل في كتابه صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى
 
وكتب إلى المُنْذِر بن سَاوى، فذكر الواقدى بإسناده، عن عِكْرمة قال: وجدتُ هذا الكتاب فى كتب ابن عباس بعد موته، فنسختُه، فإذا فيه: بعثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاءَ بن الحضرم إلى المنذِر بن سَاوى، وكتب إليه كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام، فكتب المنذرُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما بعد: يا رسولَ اللهِ؛ فإنى قرأتُ كتابك على أهل البحرين، فمِنهم مَن أحبَّ الإسلامَ وأعجبه، ودخل فيه، ومنهم مَن كرهه، وبأرضى مجوس ويهود، فَأَحْدِثْ إلىَّ فى ذلك أمرك))، فكتب إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم، مِنْ محمَّدٍ رَسُولِ اللهِ إلى المُنْذِر بن سَاوى، سَلامٌ عَلَيْكَ؛ فإنِّى أحمد إليك الله الذى لا إله إلاَّ هو، وأَشْهَدُ أَنْ لا إله إلاَّ اللهُ، وأنَّ مُحمَّداً عَبْدُهُ ورَسُــولُه، أمَّا بَعْدُ: فإنى أُذَكِّرُكَ اللهَ عَزَّ وجَلَّ، فإنَّه مَنْ يَنْصَحْ فإنَّمَا يَنْصَحُ لِنَفْسِه، وإنَّه مَنْ يُطِعْ رُسُلى، ويَتَّبِعْ أَمْرَهُم، فَقَدْ أطاعَنى، ومَنْ نَصَحَ لَهُمْ، فَقَدْ نَصَحَ لى، وإنَّ رُسُلى قد أَثْنَوْا عَلَيْكَ خيراً، وإنى قَدْ شَفَعْتُكَ فى قَوْمِكَ، فاتْرُكْ لِلْمُسْلِمِينَ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، وعَفَوْتُ عَنْ أَهْلِ الذُّنوبِ فاقْبَلْ مِنْهُم، وإنَّكَ مَهْما تَصْلُحْ، فلن نَعْزِلَكَ عن عَمَلِكَ، ومَنْ أقَامَ عَلى يَهُودِيَّةٍ أوْ مَجُوسِيَّةٍ فَعَلَيْهِ الجِزْيَةُ)).