فصل أنواع الخبز
 
وأحمدُ أنواع الخبز أجودُها اختماراً وعجناً، ثم خبزُ التَّنُّور أجودُ أصنافه، وبعدَه خبزُ الفرن، ثم خبزُ المَلَّة فى المرتبة الثالثة، وأجودُه ما اتُّخِذَ من الحنطة الحديثة.
وأكثرُ أنواعه تغذيةً خبزُ السَّميذ، وهو أبطؤها هضماً لِقلَّة نخالته، ويتلُوه خبز الحُوَّارَى، ثم الخُشْكَار.
وأحمدُ أوقات أكله فى آخِر اليوم الذى خُبِزَ فيه، والليِّنُ منه أكثر تلييناً وغذاءً وترطيباً وأسرع انحداراً، واليابسُ بخلافه.
ومزاج الخبز من البُرِّ حار فى وسط الدرجة الثانية، وقريبٌ من الاعتدال فى الرطوبة واليُبُوسة، واليُبسُ يَغْلِبُ على ما جفَّفَتْه النارُ منه، والرطوبة على ضده.
وفى خبز الحِنْطة خاصيَّةٌ، وهو أنه يُسمِّن سريعاً، وخبز القطائف يُوَلِّد خلطاً غليظاً، والفَتيتُ نفَّاخ بطىءُ الهضم، والمعمول باللَّبن مسدِّد كثير الغذاء، بطىء الانحدار.
وخبزُ الشعير بارد يابس فى الأُولى، وهو أقل غذاءً من خبزَ الحِنْطة.
خَلٌ: روى مسلم فى ((صحيحه)): عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سأل أهلَه الإدَامَ، فقالوا: ما عندنَا إلا خَلٌ، فدعا به، وجعل يأكُلُ ويقول: ((نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ، نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ)).
وفى ((سنن ابن ماجه)) عن أُمِّ سعد رضى الله عنها عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم:
((نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فى الخَلِّ، فإنه كان إدامَ الأنبياء قبلى، ولَمْ يَفْتَقِر بيتٌ فيه الخَلُّ)).
الخَل: مركَّب من الحرارة، والبرودة أغلبُ عليه، وهو يابس فى الثالثة، قوىُّ التجفيف، يمنع من انصباب المواد، ويُلطِّف الطبيعة، وخَلُّ الخمر ينفع المعدة الملتهبة، ويَقْمَعُ الصَّفْرَاء، ويدفع ضَرَر الأدوية القتَّالة، ويُحَلِّل اللَّبنَ والدم إذا جَمَدا فى الجوف، وينفع الطِّحَالَ، ويدبغ المَعِدة، ويَعقِلُ البطن، ويقطعُ العطش، ويمنع الورمَ حيث يُريد أن يحدث، ويُعين على الهضم، ويُضاد البلغم، ويُلطِّف الأغذية الغليظة، ويُرِقُّ الدم.
وإذا شُرِب بالملح، نفع من أكل الفُطُر القتَّال، وإذا احتُسى، قطع العلق المتعلق بأصل الحنَكِ، وإذ تُمضمض به مُسَخَّناً، نفع من وجع الأسنان، وقوَّى اللِّثَة.
وهو نافع للدَّاحِس، إذا طُلِىَ به، والنملةِ والأورام الحارة، وحرق النار، وهو مُشَهٍّ للأكل، مُطيِّب للمَعِدة، صَالح للشباب، وفى الصيف لسكان البلاد الحارة.
خِلاَلٌ: فيه حديثان لا يَثبُتان، أحدهما: يُروى من حديث أبى أيوب الأنصارىِّ يرفعه:
((يا حَبَّذَا المُتَخَلِّلونَ من الطَّعَام، إنه ليس شىءٌ أشدَّ على المَلَكِ من بَقيَّةٍ تَبْقَى فى الفم من الطَّعَامِ))، وفيه واصلُ بن السائب، قال البخارى والرازى: منكر الحديث، وقال النسائى والأَزْدِى: متروك الحديث.
الثانى: يُروى من حديث ابن عباس، قال عبد الله بن أحمد: سألت أبى عن شيخ روى عنه صالحٌ الوُحَاظىُّ يقال له: محمد بن عبد الملك الأنصارى، حدَّثنا عطاءُ عن ابن عباس، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُتَخَلَلَ باللِّيط والآس، وقال: ((إنهما يسقيان عُروقَ الجُذَام))، فقال أبى: رأيتُ محمد ابن عبد الملك وكان أعمى يضعُ الحديث ويكذب.
وبعد.. فالخِلالُ نافع لِلِّثة والأسنان، حافظ لصحتها، نافع من تغير النكهة، وأجودُه ما اتُّخِذَ من عيدان الأخِلة، وخشب الزيتون والخِلاف، والتخللُ بالقصب والآس والرَّيحان والباذروج مُضِرٌ.