فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم فى الجاسوس
 
ثبت أن حاطب بن أبى بَلتعة لما جسَّ عليه، سأله عمرُ رضى اللَّه عنه ضربَ عنقه، فلم يُمكنه، وقال: ((مَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُم، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ)). وقد تقدم حكم المسألة مستوفى.
واختلف الفقهاء فى ذلك، فقالَ سحنون: إذا كاتب المسلمُ أهلَ الحرب، قُتِلَ، ولم يُستتب، ومالُه لورثته، وقال غيرُه من أصحاب مالك رحمه اللَّه: يُجلد جلداً وجيعاً، ويُطال حبسه، ويُنفى مِن موضع يقرب من الكفار. وقال ابن القاسم: يُقتل ولا يعرف لهذا توبة، وهو كالزنديق.
وقال الشافعى، وأبو حنيفة، وأحمد رحمهم اللَّه: لا يُقتل، والفريقان احتجوا بقصة حاطب، وقد تقدم ذِكرُ وجه احتجاجهم، ووافق ابنُ عقيل من أصحاب أحمد مالكاً وأصحابه.