فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم فى الأمان الصادر من الرجال والنساء
 
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُم وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ)).
وثبت عنه أن أجارَ رجلينَ أجارتْهُما أم هانىء ابنة عمه ؛ وثبت عنه أنه أجار أبا العاص بن الربيع لما أجارته ابنتُه زينب، ثم قال: ((يُجيرُ عَلَى المُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ)). وفى حديث آخر: ((يُجِيرُ على المُسْلِمِينَ أَدْنَاهُم وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقصَاهُمْ)).
فهذه أربع قضايا كلية ؛ أحَدها: تكافؤ دمائهم، وهو يمنع قتل مسلمهم بكافرهم.
والثانية: أنه يَسعى بذمتهم أدناهم، وهو يُوجب قبول أمان المرأة والعبد.
وقال ابن الماجشون. لا يجوز الأمان إلا لوالى الجيش، أو والى السرية. قال ابنُ شعبان: وهذا خلافُ النَّاس كُلِّهم.
والثالثة: أن المسلمين يد على من سواهم، وهذا يمنعُ مثن تولية الكفار شيئاً من الولايات، فإن للوالى يداً على المولَّى عليه.
والرابعة: أنه يرد عليهم أقصاهم، وهذا يُوجب أن السَّرِيَّة إذا غنمت غنيمة بقوة جيش الإسلام كانت لهم، وللقاصى من الجيش إذ بقوته غنموها، وأن ما صار فى بيت المال من الفىء كان لقاصيهم ودانيهم، وإن كان سبب أخذه دانيهم، فهذه الأحكام وغيرها مستفادة من كلماته الأربعة صلوات الله وسلامه عليه.