فصل في قضائه فى نكاح التفويض
 
ثبت عنه أنه قضى فى رجل تزوَّج امرأة، ولم يَفْرِضْ لها صداقاً، ولم يدخل بها حتَّى ماتَ أن لها مَهْرَ مِثْلِهَا، لا وَكْسَ ولا شَطَطَ، ولها الميراثُ، وعليها العِدةُّ أربعة أشهر وعشراً.
وفى سنن أبى داود عنه: أنه قال لرجل: ((أَتَرْضى أَنْ أُزَوِّجَكَ فلانَة))؟ قال: نعم، وقال للمرأة: ((أَتَرْضَيْنَ أَنْ أَزَوَّجَكِ فُلاَناً))؟ قالت: نعم، فزوَّج أحدهما صاحبه، فدخل بها الرجلُ، ولم يَفْرِضْ لها صَداقاً، ولم يُعطِها شيئاً، فلما كان عند موته عوَّضَها مِن صداقها سهماً له بخيبر.
وقد تضمَّنت هذه الأحكام جوازَ النكاح مِن غير تسمية صداق، وجوازَ الدخول قبل التسمية، واستقرارَ مهر المثل بالموت، وإن لم يدخُلْ بها، ووجوبَ عِدة الوفاةِ بالموت، وإن لم يدخُلْ بها الزوج، وبهذا أخذ ابنُ مسعود وفقهاءُ العِراق. وعلماءُ الحديث، منهم: أحمد، والشافعى فى أحد قوليه. وقال على بن أبى طالب، وزيد بن ثابت رضى الله عنهما: لا صداقَ لها، وبه أخذَ أهلُ المدينة، ومالك، والشافعى فى قوله الآخر.
وتضمَّنت جواز تولِّى الرجل طَرَفى العقد، كوكيل مِن الطرفين، أو ولى فيهما، أول ولى وكَّلَه الزوجُ، أو زوجٍ وكَّلَه الولى، ويكفى أن يقول: زوجتُ فلاناً فلانة مقتصراً على ذلك، أو تزوجت فلانة إذا كان هو الزوج، وهذا ظاهر مذهب أحمد، وعنه رواية ثانية: لا يجوز ذلك إلا للولى المجبر، كمن زوَّج أمته أو ابنته المجبرة بعبده المجبر، ووجه هذه الرواية أنه لا يُعتبر رضى واحد من الطرفين.
وفى مذهبه قول ثالث: أنه يجوز ذلك إلا للزوج خاصة، فإنه لا يصِحُّ منه تولى الطرفين لتضاد أحكامِ الطرفين فيه.