فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم فى نِكاح المُحلِّل
 
وأما نكاح المُحَلِّل، ففى ((المسند)) والترمذى من حديث ابن مسعود رضىَ الله عنه قال: ((لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المُحَلِّلَ وَالمُحَلَّلَ له)). قال الترمذى: هذا حديث حسن صحيح.
وفى ((المسند)): من حديث أبى هريرة رضى الله عنه مرفوعاً ((لَعَنَ الله المُحَلَّلَ لَهُ)). وإسناده حسن.
وفيه: عن على رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله.
وفى سنن ابن ماجه: مِن حديث عُقبة بن عامر رضى الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أَلاَ أُخْبِرُكُم بالتَّيْسِ المُسْتَعَارِ))؟ قالُوا: بلى يا رَسُولَ اللَّهِ. قال: ((هُوَ المتُحَللُ لَعَنَ اللَّهُ المُحَلِّلَ والمَحَلَّلَ لَهُ)).
فهؤلاء الأربعةُ مِن سادات الصحابة رضى الله عنهم، وقد شهِدُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعنه أصحابَ التحليل، وهم: المُحَلِّلُ والمُحَلَّلُ لَه وهذا خبرٌ عن الله فهو خبرُ صِدق، وإما دُعاء فهو دُعاء مستجاب قطعاً، وهذا يُفيد أنه مِن الكبائر الملعون فاعِلُها، ولا فرقَ عند أهل المدينة وأهلِ الحديث وفُقهائهم بين اشتراط ذلك بالقول أو بالتواطؤ، والقصدِ، فإن القُصود فى العُقود عندهم معتبرة، والأعمالُ بالنيَّات، والشرطُ المتواطَأُ عليه دخل عليه المتعاقدان كالملفوظِ عندهم، والألفاظُ لا تُراد لعينها، بل لِلدلالَة على المعانى، فإذا ظهرت المعانى والمقاصدُ، فلا عِبْرَة بالألفاظ، لأنها وسائل، وقد تحقَّقت غاياتُها، فترتَّبَتْ عليها أحكامُها.