فصل في حُكمِه صلى الله عليه وسلم فى لُحُوق النسب بالزَّوج إذا خالف لونُ ولده لونَه
 
ثبت عنه فى ((الصحيحين)) أن رَجلاً قال له: إن امرأتى ولدت غلاماً أَسْوَدَ كأَنه يُعَرِّضُ بنفيهِ، فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم ك ((هَلْ لَكَ مِنْ إِبلٍ))؟ قال: نعم. قال: ((مَا لَوْنُهَا؟)) قال: حُمْرٌ. قال: ((فَهَل فيها مِنْ أَوْرَق؟)) قال: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((فَأَنَّى أَتَاهَا ذلِكَ؟)) قال: لَعَلْهُ يَا رَسُول اللَّهِ يكونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ. فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: ((وهذَا لَعَلَّهُ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ)).
وهذا الحديث مِن الفقه: أن الحدّ لا يجِبُ بالتعرِيضِ إِذا كان على وجهِ السؤالِ والاستفتاء، ومن أخذ منه أنه لا يجبُ بالتعريضِ ولو كان على وجه المُقَابَحة والمشاتمة، فقد أَبْعَدَ النُّجْعَةَ، ورُبَّ تعريضٍ أفهمُ، وأوجعُ للقلب، وأبلغُ فى النكاية من التصريح، وبساطُ الكلام وسياقُه يردُّ ما ذكروه من الاحتمال، ويجعلُ الكلام قطعىَّ الدِّلالة على المراد.
وفيه أن مجرد الرِّيبةِ لا يُسَوِّغُ اللِّعانَ ونفى الولد.
وفيه ضربُ الأمثال والأشباه والنظائر فى الأحكام، ومِن تراجم البخارى فى ((صحيحه)) على هذا الحديث: باب من شبه أصلاً معلوماً بأصل مبين قد بيَّن الله حكمه ليُفهمَ السائِلَ، وساق معه حديثَ: ((أَرَأَيْتَ لَوْ كانَ عَلَى أمِّكَ دَيْنٌ؟)).