حديث رويفع من تقلد وتراً فإن محمداً منه بريء
 

قال المصنف : وروى الإمام أحمد عن رويفع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - يا رويفع ، لعل الحياة ستطول بك ، فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلد وتراً أو استنجى برجيع دابة أو عظم ، فإن محمداً بريء منه - .
الحديث رواه الإمام أحمد عن يحيى بن إسحاق والحسن بن موسى الأشيب كلاهما عن ابن لهيعة . وفيه قصة اختصرها المصنف . وهذا لفظ حسن : حدثنا ابن لهيعة حدثنا عياش بن عباس عن شييم بن بيتان قال : حدثنا رويفع بن ثابت قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ جمل أخيه على أن يعطيه النصف مما غنم وله النصف ، حتى إن أحدنا ليصير له النصل والريش وللآخر القدح . ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث .
ثم رواه أحمد بن يحيى بن غبلان حدثنى الفضل عياش بن عباس أن شييم بن بيتان أخبره أنه سمع شييان القتباني - الحديث . ابن لهيعة فيه مقال . وفي الإسناد الثاني شيبان القتبانى ، قيل فيه مجهول . وبقية رجالهما ثقات .
قوله : (فأخبر الناس) دليل على وجوب إخبار الناس ، وليس هذا مختصاً برويفع ، بل كل من كان عنده علم ليس عند غيره مما يحتاج إليه الناس وجب إعلامهم به ، فإن إشترك هو وغيره في علم ذلك فالتبليغ فرض كفاية . قاله أبو زرعة في شرح سنن أبي داود .
قوله : (لعل الحياة ستطول بك) فيه علم من أعلام النبوة ، فإن رويفعاً طالت حيا ته إلى سنة ست وخمسين فمات ببرقة من أعمال مصر أميراً عليها ، وهو من الأنصار . وقيل مات سنة ثلاث وخمسين .
قوله : (إن من عقد لحيته) بكسر اللام لا غير ، والجمع لحى بالكسر والضم قاله الجوهري .
قال الخطابي : أما نهيه عن عقد اللحية فيفسر على وجهين .
أهدهما : ما كانوا يفعلونه في الحرب ، كانوا يعقدون لحاهم ، وذلك من زى بعض الأعاجم يفتلونها ويعقدونها. قال أبو السعادات: تكبراً وعجباً .
ثانيهما : أن معناه معالجة الشعر ليتعقد ويتجعد ، وذلك من فعل أهل التأنيث وقال أبو زرعة بن العراقى : والأولى حمله على عقد اللحية في الصلاة ، كما دلت عليه رواية محمد بن الربيع . وفيه أن من عقد لحيته في الصلاة .
قوله : أو تقلد وتراً أي جعله قلادة في عنقه أو عنق دابته . وفي رواية محمد بن الربيع أو تقلد وتراً ـ يريد تميمة .
فإذا كان هذا فيمن تقلد وتراً فكيف بمن تعلق بالأموات وسألهم قضاء الحاجات ، وتفريج الكربات ، الذي جاء النهى عنه وتغليظه في الآيات المحكمات ؟
قوله : أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً بريء منه قال لنووي: أي بريء من فعله ، وهذا خلاف الظاهر . والنووي كثيراً ما يتأول الأحاديث بصرفها عن ظاهرها فيغفر الله تعالى له .
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً : - لا تستنجوا بالروث ولا العظام فإنه زاد إخوانكم من الجن - وعليه لا يجزى الاستنجاء بهما كما هو ظاهر مذهب أحمد ، لما روى ابن خزيمة والدارقطني عن أبي هريرة : - أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجي بعظم أو روث ، وقال : إنهما لا يطهران - .
قوله : (وعن سعيد بن جبير قال : - من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة - رواه وكيع) هذا عند أهل العلم له حكم الرفع ، لأن مثل ذلك لا يقال بالرأي ويكون هذا مرسلاً لأن سعيداً تابعى . وفيه فضل قطع التمائم لأنها شرك . ووكيع هو ابن الجراح ابن وكيع الكوفى ، ثقة إمام ، صاحب تصانيف منها الجامع وغيره . روى عنه الإمام أحمد وطبقته . مات سنة سبع وتسعين ومائة .
قوله : وله عن إبراهيم قال : كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن وإبراهيم هو الإمام بن يزيد النخعى الكوفي ، يكنى أبا عمران ثقة من كبار الفقهاء . قال المزى : دخل على عائشة ، ولم يثبت له سماع منها . مات سنة ست وتسعين ، وله خمسون سنة أو نحوها .
قوله : كانوا يكرهون التمائم إلى آخره ، مراده بذلك أصحاب عبد الله بن مسعود ، كعلقمة والأسود وأبي وائل والحارث بن سويد ، وعبيد السلمانى ومسروق والربيع بن خثيم ، وسويد بن غفلة وغيرهم ، وهو من سادات التابعين وهذه الصيغة يستعملها إبراهيم من حكاية أقوالهم كما بين ذلك الحفاظ العراقى وغيره .