حديث دخل رجل الجنة في ذباب إلخ
 

قوله : - وعن طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : دخل الجنة رجل في ذباب . ودخل النار رجل في ذباب . قالوا كيف يا رسول الله ؟ قال : مر رجلان على قوم لهم صنم ، لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئاً ، فقالوا لأحدهما : قرب . قال : ليس عندي شئ أقرب . قالوا له : قرب ولو ذباباً . فقرب ذباباً . فخلوا سبيله ، فدخل النار ، وقالوا للآخر : قرب ، فقال : ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل . فضربوا عنقه ، فدخل الجنة - رواه أحمد .
قال ابن القيم رحمه الله : قال الإمام أحمد رحمه الله حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب يرفعه قال : دخل الجنة في رجل في ذباب الحديث .
وطارق بن شهاب : هو البجلى الأحمس ، أبو عبد الله . رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجل .
قال البغوي : نزل الكوفة . وقال أبو داود : رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئاً . قال الحافظ : إذا ثبت أنه لقى النبي فهو صحابي . وإذا ثبت أنه لم يسمع منه فروايته عنه مرسل صحابي وهو مقبول على الراجح ، وكانت وفاته ـ على ما جزم به ابن حبان ـ سنة ثلاث وثمانين .
قوله : دخل الجنة رجل في ذباب أي من أجله .
قوله : قالوا : وكيف ذلك يا رسول الله كأنهم تقالوا ذلك ، وتعجبوا منه . فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما صير هذا الأمر الحقير عندهم عظيماً يستحق هذا عليه الجنة ، ويستوجب الآخر عليه النار .
قوله : فقال : مر رجلان على قوم لهم صنم الصنم ما كان منحوتاً على صورة ويطلق عليه الوثن كما مر .
قوله : لا يجاوزه أي لا يمر به ولا يتعداه أحد حتى يقرب إليه شيئاً وإن قل .
قوله : قالوا له قرب ولو ذباباً فقرب ذباباً فخلوا سبيله ، فدخل النار في هذا بيان عظمة الشرك ، ولو في شئ قليل ، وأنه يوجب النار . كما قال تعالى : # 5 : 72 # - إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار - .
وفي هذا الحديث : التحذير من الوقوع في الشرك ، وأن الإنسان قد يقع فيه وهو لا يدرى أنه من الشرك الذي يوجب النار .
وفيه أنه دخل النار بسبب لم يقصده ابتداء ، وإنما فعله تخلصاً من شر أهل الصنم .
وفيه أن ذلك الرجل كان مسلماً قبل ذلك ، وإلا فلو لم يكن مسلماً لم يقل دخل النار في ذباب .
وفيه أن عمل القلب هو المقصود الأعظم حتى عند عبدة الأوثان ، ذكره المصنف بمعناه .
قوله : وقالوا للآخر : قرب . قال : ما كنت لأقرب شيئاً دون الله عز وجل .
قال المصنف رحمه الله : وفيه معرفة قدر الشرك في قلوب المؤمنين كيف صبر على القتل ولم يوافقهم على طلبتهم مع كونهم لم يطلبوا منه إلى العمل الظاهر .