ما يقول من نزل بمكان يخافه
 

قوله : وعن خولة بنت حكيم قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : - من نزل منزلاً فقال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شئ حتى يرتحل من منزله ذلك - رواه مسلم .
هي خولة بنت حكيم بن أمية السلمية ، يقال لها أم شريك ، ويقال إنها هي الواهبة وكانت قبل تحت عثمان بن مظعون .
قال ابن عبد البر : وكانت صالحة فاضلة .
قوله : أعوذ بكلمات الله التامات شرع الله لأهل الإسلام أن يستعيذوا به بدلاً عما يفعله أهل الجاهلية من الإستعاذة بالجن ، فشرع الله للمسلمين أن يستعيذوا بأسمائه وصفاته .
قال القرطبي : قيل : معناه الكاملات التي لا يلحقها نقص ولا عيب ، كما يلحق كلام البشر . وقيل معناه : معناه الشافية الكافية . وقيل الكلمات هنا هي القرآن . فإن الله أخبر عنه بأنه : # 10 : 57 و 17 : 82 و 41 : 44 # - هدى وشفاء - وهذا الأمر على جهة الإرشاد إلى ما يدفع به الأذى . ولما كان ذلك استعاذة بصفات الله تعالى كان من باب المندوب إليه المرغب فيه ، وعلى هذا فحق المستعيذ بالله أو بأسمائه وصفاته أن يصدق الله في إلتجائه إليه ، ويتوكل في ذلك عليه ، ويحضر ذلك في قلبه ، فمتى فعل ذلك وصل إلى منتهى طلبه ومغفرة ذنبه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : وقد نص الأئمة كأحمد وغيره على أنه لا يجوز الإستعاذة بمخلوق . وهذا مما استدلوا به على أن كلام الله غير مخلوق . قالوا : لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعاذ بكلمات الله وأمر بذلك ، ولهذا نهى العلماء عن التعازيم والتعاويذ التي لا يعرف معناها خشية أن يكون فيها شرك .
وقال ابن القيم : ومن ذبح للشيطان ودعاه ، واستعاذ به وتقرب إليه بما يجب فقد عبده ، وإن لم يسم ذلك عبادة ويسميه استخداماً ، وصدق ، هو استخدام من الشيطان له ، فيصير من خدم الشيطان وعابديه ، وبذلك يخدمه الشيطان ، لكن خدمة الشيطان له ليست خدمة عباده ، فإن الشيطان لا يخضع له ولا يعبده كما يفعل هو به ا هـ .
قوله : - من شر ما خلق - قال ابن القيم رحمه الله : أي من كل شر في أي مخلوق قام بن الشر من حيوان أو غيره ، إنسياً أو جنياً ، أو هامة أو دابة ، أو ريحاً أو صاعقة ، أو أي نوع من أنواع البلاء في الدنيا والآخرة .
و ما ههنا موصولة وليس المراد بها العموم الإطلاقي ، بل المراد التقييدي الوصفي ، والمعنى : من كل شر كل مخلوق فيه شر، لا من شر كل ما خلقه الله ، فإن الجنة والملائكة والأنبياء ليس فيهم شر ، والشر يقال على شيئين : على الألم ، وعلى ما يفضى إليه .
قوله : لم يضره شئ حتى يرتحل من منزله ذلك قال القرطبي : هذا خبر صحيح وقول صادق علمنا صدقه دليلاً وتجربة ، فإني منذ سمعت هذا الخبر عملت عليه فلم يضرني شئ إلى أن تركته ، فلدغتني عقرب بالمهدية ليلاً ، فتفكرت في نفسي فإذا بي قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات .