تعظيم رسول الله غير الغلو فيه
 

قال شيخ الإسلام رحمه الله في الرسالة السنية : فإذا كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ممن انتسب إلى الإسلام من مرق منه مع عبادته العظيمة ، فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام والسنة في هذه الأزمان قد يمرق أيضاً من الإسلام لأسباب منها : الغلو في بعض المشايخ ، بل الغلو في علي بن أبي طالب ، بل الغلو في المسيح ، فكل من غلا في نبي أو رجل صالح ، وجعل فيه نوعاً من الإلهية مثل أن يقول : يا سيدي فلان انصرني أو أغثني ، أو ارزقني ، أو أنا في حسبك ، ونحو هذه الأقوال . فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه ، فإن تاب وإلا قتل . فإن الله سبحانه وتعالى إنما أرسل الرسل ، وأنزل الكتب ، ليعبد وحده لا شريك له ، ولا يدعى معه إله آخر . والذي يدعون مع الله آلهة آخرى مثل المسيح والملائكة والأصنام ، لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق أو تنزل المطر أو تنبت النبات ، وإنما كانوا يعبدونهم ، أو يعبدون قبورهم ، أو يعبدون صورهم ، يقولون : # 39 : 3 # - ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى - # 10 : 101 # - ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله - فبعث الله سبحانه رسله تنهى عن أن يدعى أحد من دونه ، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة . ا هـ .
وقال أيضاً : من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم كفر إجماعاً .
نقله عنه صاحب الفروع وصاحب الإنصاف وصاحب الإقناع وغيرهم . وذكره شيخ الإسلام ونقلته عنه في الرد على ابن جرجيس في مسألة الوسائط .
وقال ابن القيم رحمه الله : ومن أنواعه ـ يعني الشرك ـ طلب الحوائج من الموتى ، والاستغاثة بهم والتوجه إليهم . وهذا أصل شرك العالم . فإن الميت قد انقطع عمله ، وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ، فضلاً عمن استغاث به أو سأله أن يشفع له إلى الله ، وهذا من جهله بالشافع والمشفوع عنده ، وسيأتي تتمة كلامه في باب الشفاعة إن شاء الله تعالى .
وقال الحافظ محمد بن عبد الهادي رحمه الله في رده على السبكى في قوله : إن المبالغة في تعظيمه ـ أي الرسول صلى الله عليه وسلم ـ واجبة .
إن أريد به المبالغة بحسب ما يراه كل أحد تعظمياً ، حتى الحج إلى قبره والسجود له ، والطواف به ، واعتقاد أنه يعلم الغيب ، وأنه يعطى ويمنع لمن استغاث به من دون الله الضر والنفع ، وأنه يقضى حوائج السائلين ويفرج كربات المكروبين ، وأنه يشفع فيمن يشاء ، ويدخل الجنة من يشاء ـ فدعوى المبالغة في هذا التعظيم مبالغة في الشرك ، وانسلاخ من جملة الدين .
وفي الفتاوى البزازية من كتب الحنفية : قال علماؤنا : من قال أرواح المشائخ حاضرة تعلم : يكفر .