قوله تعالى : أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون
 

- أمن يجيب المضطر إذا دعاه -
قال : وقوله # 27 : 62 # - أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون - بين تعالى أن المشركين من العرب ونحوهم قد علموا أنه لا يجيب المضطر ويكشف السوء إلى الله وحده فذكر ذلك سبحانه محتجاً عليهم في اتخاذهم الشفعاء من دونه ، ولهذا قال - أإله مع الله ؟ - يعنى يفعل ذلك . فإذا كانت آلهتهم لا تجيبهم في حال الاضطرار فلا يصلح أن يجعلوها شركاء لله الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء وحده . وهذا أصح ما فسرت به الآية كسابقتها من قوله - أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون * أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون - ولا حقتها إلى قوله : - أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون * أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين - .
فتأمل هذه الآيات يتبين لك أن الله تعالى احتج على المشركين بما أقروا به على ما جحدوه : من قصر العبادة جمعيها عليه ، كما في فاتحة الكتاب : - إياك نعبد وإياك نستعين - .
قال أبو جعفر بن جرير : قوله : - أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء - ـ إلى قوله ـ - قليلاً ما تذكرون - يقول تعالى ذكره : أم ما تشركون بالله خير ، أم الذي يجيب المضطر إذا دعاء ويكشف السوء النازل به عنه ؟ وقوله : - ويجعلكم خلفاء الأرض - يقول : يستخلف بعد أمواتكم في الأرض منكم خلفاء أحياء يخلفونهم ، وقوله : - أإله مع الله ؟ - أإله سواه يفعل هذه الأشياء بكم وينعم عليكم هذه النعم ؟ وقوله : - قليلاً ما تذكرون - يقول تذكراً قليلاً من عظمة الله وأياديه عندكم تذكرون ، وتعتبرون ححج الله عليكم يسيراً . فلذلك أشركوا بالله وغيره في عبادته . ا هـ .