قوله صلى الله عليه وسلم أنه لا يستغاث بي
 

قوله : وروى الطبراني - أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين . فقال بعضهم : قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنه لا يستغاث بي ، وإنما يستغاث بالله - .
الطبراني : هو الإمام الحافظ سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني ، صاحب المعاجم الثلاثة وغيرها . روى عن النسائي وإسحاق بن إبراهيم الديرى وخلق كثير . مات سنة ستين وثلثمائة . روى هذا الحديث عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
قوله : أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين لم أقف على اسم هذا المنافق .
قلت : هو عبد الله بن أبي كما صرح به ابن أبي حاتم في روايته .
قوله : فقال بعضهم أي الصحابة رضي الله عنهم ، هو أبو بكر رضي الله عنه .
قوله : قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق لأنه صلى الله عليه وسلم يقدر على كف أذاه .
قوله إنه لا يستغاث بي ، وإنما يستغاث بالله فيه النص على أنه لا يستغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بمن دونه . كره صلى الله عليه وسلم أن يستعمل هذا اللفظ في حقه ، وإن كان مما يقدر عليه في حياته ، حماية لجناب التوحيد ، وسداً لذرائع الشرك وأدباً وتواضعاً لربه ، وتحذيراً للأمة من وسائل الشرك في الأقوال والأفعال . فإذا كان فيما يقدر عليه صلى الله عليه وسلم في حياته ، فكيف يجوز أن يستغاث به بعد وفاته ويطلب منه أموراً لا يقدر عليها إلا الله عز وجل ؟ كما جرى على ألسنة كثير من الشعراء كالبوصيري والبرعي وغيرهم ، من الاستغاثة بمن لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ، ويعرضون عن الاستغاثة بالرب العظيم القادر على كل شيء الذي له الخلق والأمر وحده ، وله الملك وحده ، لا إله غيره ولا رب سواه . قال تعالى : ( 7 : 187 ) - قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله - في مواضع من القرآن ( 72 : 21 ) - قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً - فأعرض هؤلاء عن القرآن واعتقدوا نقيض ما دلت عليه هذه الآيات المحكمات ، وتبعهم على ذلك الضلال الخلق الكثير والجم الغفير . فاعتقدوا الشرك بالله ديناً ، والهدى ضلالاً ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . فما أعظمها من مصيبة عمت بها البلوى ، فعاندوا أهل التوحيد وبدعوا أهل التجريد ، فالله المستعان .