قوله تعالى : ليس لك من الأمر شيء
 

قوله : فأنزل الله : - ليس لك من الأمر شيء - قال ابن عطية : كأن النبي صلى الله عليه وسلم لحقه في تلك الحال يأس من فلاح كفار قريش ، فقيل له بسبب ذلك - ليس لك من الأمر شيء - أي عواقب الأمور بيد الله ، فامض أنت لشأنك ، ودم على الدعاء لربك .
وقال ابن إسحاق : - ليس لك من الأمر شيء - في عبادي إلا ما أمرتك به فيهم .
قوله : وفيه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ـ إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر : ـ اللهم العن فلاناً وفلاناً بعد ما يقول : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد . فأنزل الله - ليس لك من الأمر شيء - وفي رواية يدعو على صفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو ، والحارث بن هشام فنزلت - ليس لك من الأمر شيء - .
قوله : وفيه أي في صحيح البخاري . رواه النسائي .
قوله : عن ابن عمر هو عبد الله بن عمر بن الخطاب ، صحابي جليل ، شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاح ، مات سنة ثلاث وسبعين في آخرها أو في أول التي تليها .
قوله : أنه سمع رسول الله هذا القنوت على هؤلاء بعد ما شج وكسرت رباعيته يوم أحد .
قوله : اللهم العن فلاناً وفلاناً قال أبو السعادات : أصل اللعن والطرد والإبعاد من الله . ومن الخلق السب والدعاء وتقدم كلام شيخ الإسلام رحمه الله .
قوله : فلاناً وفلاناً يعني صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام ، كما بينه في الرواية الآتية .
وفيه : جواز الدعاء على المشركين بأعيانهم في الصلاة ، وأن ذلك لا يضر في الصلاة .
قوله : بعد ما يقول : سمع الله لمن حمده قال أبو السعادات : أي أجاب حمده وتقبيله. وقال السهيلي: مفعول سمع محذوف، لأن السمع متعلق بالأقوال والأصوات دون غيرها فاللام تؤذن بمعنى زائد وهو الاستجابة للسمع ، فاجتمع في الكلمة الإيجاز والدلالة على الزائد ، وهو الاستجابة لمن حمده .
وقال ابن القيم رحمه الله ما معناه : سمع الله لمن حمده باللام المتضمنة معنى استجاب له . ولا حذف وإنما هو مضمن .
قوله : ربنا لك الحمد في بعض روايات البخاري بإسقاط الواو . قال ابن دقيق العيد : كأن إثباتها دال على معنى زائد ، لأنه يكون التقدير : ربنا استجب ولك الحمد . فيشتمل على معنى الدعاء ومعنى الخبر .
قال شيخ الإسلام : والحمد ضد الذم ، والحمد يكون على محاسن المحمود مع المحبة له . كما أن الذم يكون على مساويه مع البغض له .
وكذا قال ابن القيم : وفرق بينه وبين المدح بأن الأخبار عن محاسن الغير إما أن يكون إخبار مجرداً عن حب وإرادة ، أو يكون مقروناً بحبه وإرادته . فإن كان الأول فهو المدح ، وإن كان الثاني فهو الحمد . فالحمد إخبار عن محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه . ولهذا كان خبراً يتضمن الإنشاء بخلاف المدح ، فإنه خبر مجرد . فالقائل إذا قال : الحمد لله أو قال ربنا ولك الحمد تضمن كلامه الخبر عن كل ما يحمد عليه تعالى بإسم جامع محيط متضمن لكل فرد من أفراد الجملة المحققة والمقدرة ، وذلك يستلزم إثبات كل كمال يحمد عليه الرب تعالى ، ولهذا لا تصلح هذه اللفظة على هذا الوجه ولا تنبغي إلا لمن هذا شأنه ، وهو الحميد المجيد .
وفيه : التصريح بأن الإمام يجمع بين التسميع والتحميد ، وهو قول الشافعي وأحمد وخالف في ذلك مالك وأبو حنيفة ، وقالا : يقتصر على سمع الله لمن حمده .
قوله : وفي رواية يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام .
وذلك لأنهم رؤوس المشركين يوم أحد ، هم وأبو سفيان بن حرب ، فما استجيب له صلى الله عليه وسلم فيهم بل أنزل الله - ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم - فتاب عليهم فأسلموا وحسن إسلامهم . وفي كله معنى شهادة أن لا إله إلا الله الذي له الأمر كله ، يهدي من يشاء بفضله ورحمته ، ويضل من يشاء بعدله وحكمته .
وفي هذا من الحجج والبراهين ما يبين بطلان ما يعتقده عباد القبور في الأولياء والصالحين . بل في الواغيت من أنهم ينتفعون من دعاهم ، ويمنعون من لاذ بحماهم . فسبحان من حال بينهم وبين فهم الكتاب . وذلك عدله سبحانه ، وهو الذي يحول بين المرء وقلبه ، وبه الحول والقوة .
قوله وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عليه # 26 : 214 # - وأنذر عشيرتك الأقربين - قال - يا معشر قريش ـ أو كلمة نحوها ـ اشتروا أنفسكم لا أغنى عنكم من الله شيئاً . يا عباس بن عبد المطلب لا أغنى عنك من الله شيئاً . يا صفية عمة رسول الله ، لا أغنى عنك من الله شيئاً . يا فاطمة بنت محمد ، سليني من مالي ما شئت ، لا أغنى عنك من الله شيئاً - .
قوله : وفيه أي وفي صحيح البخاري .
قوله : عن أبي هريرة اختلف في اسمه . وصحيح النووي أن اسمه عبد الرحمن ابن صخر ، كما رواه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة قال : كان اسمي في الجاهلية عبد الرحمن وروى الدولابى بإسناده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سماه عبد الله وهو دوسي من فضلاء الصحابة وحفاظهم ، حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر مما حفظه غيره مات سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين ، وهو ابن ثمان وسبعين سنة .
قوله : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح من رواية ابن عباس صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا .