باب قول الله - حتى إذا فزع عن قلوبهم
 

قوله : باب قول الله تعالى # 34 : 23 # - حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير - .
قوله : - حتى إذا فزع عن قلوبهم - أي زال الفزع عنها . قاله ابن عباس وابن عمر وأبو عبد الرحمن السلمى والشعبي والحسن وغيرهم .
وقال ابن جرير : قال بعضهم : الذين فزع عن قلوبهم : الملائكة قالوا : وإنما فزع عن قلوبهم من غشية تصيبهم عند سماعهم كلام الله بالوحي وقال ابن عطية : في الكلام حذف ما يدل عليه الظاهر . كأنه قال : ولا هم شفعاء كما تزعمون أنتم ، بل هم عبدة مسلمون لله أبداً ، يعني منقادون ، حتى إذا فزع عن قلوبهم . والمراد الملائكة على ما اختاره ابن جرير وغيره .
قال ابن كثير : وهو الحق الذي لا مرية فيه ، لصحة الأحاديث فيه والآثار .
وقال أبو حيان : تظاهرت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قوله : - حتى إذا فزع عن قلوبهم - إنما هي الملائكة إذا سمعت الوحي إلى جبريل يأمره الله به سمعت كجر سلسلة الحديد على الصفوان ، فتفزع عند ذلك تعظيماً وهيبة . قال : وبهذا المعنى ـ من ذكر الملائكة في صدر الآية ـ تتسق هذه الآية على الأولى ، ومن لم يشعر أن الملائكة مشار إليهم من أول قوله : - الذين زعمتم - لم تتصل له هذه الآية بما قبلها .
قوله : - قالوا ماذا قال ربكم ؟ - ولم يقولوا ماذا خلق ربنا ؟ ولو كان كلام الله مخلوقاً لقالوا : ماذا خلق ؟ ؟ انتهى من شرح سنن ابن ماجة .
ومثله الحديث ماذا قال ربنا يا جبريل وأمثال هذا في الكتاب والسنة كثير .
قوله : - قالوا الحق - أي قال الله الحق . وذلك لأنهم إذا سمعوا كلام الله صعقوا ثم إذا أفاقوا أخذوا يسألون ، فيقولون : ماذا قال ربكم ؟ فيقولون : قال الحق .
قوله : - وهو العلي الكبير - علو القدر وعلو القهر وعلو الذات ، فله العلو الكامل من جميع الوجوه ، كما قال عبدالله بن المبارك ـ لما قيل له : بما نعرف ربنا ؟ قال بأنه على عرشه بائن من خلقه تمسكاً منه بالقرآن لقوله تعالى : # 20 : 5 # - الرحمن على العرش استوى - # 25 : 59 # - ثم استوى على العرش الرحمن - في سبعة مواضع من القرآن # 7 : 53 و 14 : 2 و 32 : 4 و 57 : 4 # .
قوله : الكبير أي الذي لا أكبر منه ولا أعظم منه تبارك وتعالى .
قوله : في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : - إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله ، كأنه سلسلة على صفوان ، ينفذهم ذلك ، حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الحق وهو العلي الكبير ، فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض . وصفة سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه ـ فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ، ثم يلقيها الآخر إلى أن تحته ، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدركه الشهاب قبل من يلقيها ، وربما ألقاها قبل أن يدركه ، فيكذب معها مائة كذبة ، فيقال : أليس قد قال لنا اليوم كذا وكذا : وكذا و كذا ؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء - .
قوله : في الصحيح أي صحيح البخاري .