من أسعد الناس بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم
 

قوله : وقال أبو هريرة إلى آخره . هذا الحديث رواه البخاري والنسائي عن أبي هريرة ورواه أحمد وصححه ابن حبان وفيه - وشفاعتي لمن قال لا إله إلى الله مخلصاً ، يصدق قلبه لسانه ، ولسانه قلبه - وشاهده في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - لكل نبي دعوة مستجابة ، فتجعل كل نبي دعوته ، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة . فهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئاً - .
وقد ساق المصنف رحمه الله كلام شيخ الإسلام هنا ، فقام مقام الشرح والتفسير لما في هذا الباب من الآيات ، وهو كاف واف بتحقيق مع الإيجاز . والله أعلم .
وقد عرف الإخلاص بتعريف حسن فقال : الإخلاص محبة الله وحده وإرادة وجهه . ا هـ .
وقال ابن القيم رحمه الله في معنى حديث أبي هريرة : تأمل هذا الحديث كيف جعل أعظم الأسباب التي تنال بها شفاعته تجريد التوحيد ، عكس ما عند المشركين أن الشفاعة تنال باتخاذهم شفعاء وعبادتهم وموالاتهم ، فقلب النبي صلى الله عليه وسلم ما في زعمهم الكاذب ، وأخبر أن سبب الشفاعة تجريد التوحيد ، فحينئذ يأذن الله للشافع أن يشفع ومن جهل المشرك اعتقاده أن من اتخذه ولياً أو شفيعاً أنه يشفع له وينفعه عند الله ، كما يكون خواص الولاة والملوك تنفع من والاهم ولم يعلموا أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه في الشفاعة ، ولا يأذن في الشفاعة إلا لمن رضى قوله وعمله ، كما قال في الفصل الأول # 2 : 255 # - من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه - وفي الفصل الثاني # 21 : 28 # - ولا يشفعون إلا لمن ارتضى - وبقى فصل ثالث ، وهو أنه لا يرضى من القول والعمل إلا توحيده واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم . فهذه ثلاثة فصول تقطع شجرة الشرك من قلب من عقلها ووعاها . ا هـ .
وذكر أيضاً رحمه الله تعالى أن الشفاعة ستة أنواع :
الأول : الشفاعة الكبرى التي يتأخر عنها أولو العزم عليهم الصلاة والسلام حتى تنتهي إليه صلى الله عليه وسلم فيقول : أنا لها وذلك حين يرغب الخلائق إلى الأنبياء ليشفعوا لهم إلى ربهم حتى يريحهم من مقامهم في الموقف . وهذه شفاعة يختص بها لا يشركه فيها أحد .
الثاني : شفاعته لأهل الجنة في دخولها . وقد ذكرها أبو هريرة في حديثه الطويل المتفق عليه .
الثالث : شفاعته لقوم من العصاة من أمته قد استوجبوا النار بذنوبهم ، فيشفع لهم أن لا يدخلوها .
الرابع : شفاعته في العصاة من أهل التوحيد الذي يدخلون النار بذنوبهم . والأحاديث بها متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقد أجمع عليها الصحابة وأهل السنة قاطبة وبدعوا من أنكرها ، وصاحوا به من كل جانب ونادوا عليه بالضلال .
الخامس : شفاعته لقوم من أهل الجنة في زيادة ثوابهم ورفعة درجاتهم ، وهذه مما لم ينازع فيها أحد . وكلها مختصة بأهل الإخلاص الذين لم يتخذوا من دون الله ولياً ولا شفيعاً ، كما قال تعالى : # 6 : 51 # - وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع - .
السادس : شفاعته في بعض أهل الكفار من أهل النار حتى يخفف عذابه وهذه خاصة بأبي طالب وحده .

الموضوع السابق


باب الشفاعة