باب ما جاء في حماية المصطفى إلخ
 

قوله : باب ( ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم وسده كل طريق يوصل إلى الشرك )
الجناب : هو الجانب . والمراد حمايته عما يقر منه أو يخالطه من الشرك وأسبابه .
قوله : : وقول الله تعالى : # 9 : 128 ، 129 # " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم * فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " .
قال ابن كثير رحمه الله : يقول الله تعالى ممتناً على المؤمنين بما أرسل إليهم رسولاً من أنفسهم أي من جنسهم وعلى لغتهم كما قال إبراهيم عليه السلام : # 2 : 129 # " ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم " وقال تعالى : # 3 : 164 # " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم " وقال تعالى : " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " أي منكم ، كما قال جعفر بن أبي طالب للنجاشي ، والمغيرة بن شعبة لرسول كسرى : إن الله بعث فينا رسولاً منا نعرف نسبه وصفته ، ومدخله ومخرجه ، وصدقه وأمانته وذكر الحديث . قال أبو سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه في قوله تعالى :" لقد جاءكم رسول من أنفسكم" قال : لم يصبه شئ في ولادة الجاهلية .
وقوله : " عزيز عليه ما عنتم " أي يعز عليه الشئ الذي يعنت أمته ويشق عليها ولهذا جاء في الحديث المروي من طرق عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " بعثت بالحنيفية السمحة " وفي الصحيح : " إن هذا الدين يسر" وشريعته كلها سمحة سهلة كاملة ، ميسيرة على من يسرها الله عليه .
قوله : حريص عليكم أي على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والآخروي إليكم . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكر لنا منه علماً أخرجه الطبراني ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بقى شئ يقر من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بينته لكم " .
وقوله : " بالمؤمنين رؤوف رحيم " كما قال تعالى : # 16 : 215 ، 216 ، 217 # " واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين * فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون * وتوكل على العزيز الرحيم " وهكذا أمره تعالى في هذه الآية الكريمة وهي قوله : " فإن تولوا " أي عما جئتم به من الشريعة العظيمة المطهرة الكاملة " حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " .
قلت : فاقتضت هذه الأوصاف التي وصف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق أمته أن أنذرهم وحذرهم الشرك الذي هو أعظم الذنوب ، وبين لهم ذرائعه الموصلة إليه ، وأبلغ في نهيهم عنها ومن ذلك تعظيم القبور والغلو فيها ، والصلاة عندها وإليها ، ونحو ذلك مما يوصل إلى عبادتها ، كما تقدم ، وكما سيأتي في أحاديث الباب .