باب بيان شيء من أنواع السحر
 

قوله : باب ( بيان شئ من أنواع السحر )
قلت : ذكر الشارح رحمه الله تعالى ها هنا شيئاً من الخوارق وكرامات الأولياء وذكر ما اغتر به كثير من الناس من الأحوال الشيطانية التي غرت كثيراً من العوام والجهال ، وظنوا أنها تدل على ولاية من جرت على يديه ممن هو من أولياء الشيطان لا من أولياء الرحمن ثم قال : ولشيخ الإسلام كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان فراجعه . انتهى .
قال رحمه الله تعالى قال أحمد : حدثنا محمد بن جعفر . حدثنا عوف عن حيان ابن العلاء ، حدثنا قطن بن قبيصة عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن العيافة ، والطرق ، والطيرة من الجبت " قال عوف : العيافة زجر الطير ، والطرق الخط يخط في الأرض ، والجبت : قال الحسن رنة الشيطان إسناده جيد . ولأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه : المسند منه .
قوله : قال أحمد هو الإمام أحمد بن محمد بن حنبل .
ومحمد بن جعفر هو المشهور بغندر الهذلي البصري ، ثقة مشهور ، مات سنة ست ومائتين .
وعوف هو ابن أبي جميلة ـ بفتح الجيم ـ العبدي البصري ، المعروف بعوف الأعرابي ، ثقة مات سنة ست أو سبع وأربعين ، وله ست وثمانون سنة .
وحيان بن العلاء هو بالتحتية ، ويقال حيان بن مخارق ، أبو العلاء البصري ، مقبول .
وقطن ، بفتحتين أبو سهل البصري صدوق .
قوله : عن أبيه هو قبيصة ـ بفتح أوله ـ ابن مخارق ـ بضم الميم ـ أبو عبد الله الهلالي . صحابي ، نزل البصرة .
قوله : إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت قال عوف : العيافة زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها ، وهو من عادات العرب ، وكثير من أشعارهم ، يقال : عاف يعيف عيفاً ، إذا زجر وحدس وظن .
قوله : والطرق الخط يخط الأرض كذا فسره عوف ، وهو كذلك .
وقال أبو السعادات : هو الضرب بالحصى الذي يفعله النساء . وأما الطيرة فيأتي الكلام عليها في بابها إن شاء الله تعالى .
قوله : من الجبت أي السحر . قال القاضي : والجبت في الأصل الفضل الذي لا خير فيه ، ثم استعير لما يعبد من دون الله ، وللساحر والسحر .
قوله : قال الحسن : رنة الشيطان قلت : ذكر إبراهيم بن محمد بن مفلح أن في تفسير بقي بن مخلد أن إبليس رن أربع رنات : رنة حين لعن ، ورنة حين أهبط ، ورنة حين ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورنة حين نزلت فاتحة الكتاب . قال سعيد بن جيير : لما لعن الله تعالى إبليس تغيرت صورته عن صورة الملائكة ، ورن رنة ، فكل رنة منها في الدنيا إلى يوم القيامة . رواه ابن أبي حاتم . وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة رن إبليس رنة اجتمعت إليه جنوده . رواه الحافظ الضياء في المختارة : الرنين الصوت . وقد رن يرن رنيناً ، وبهذا يظهر معنى قول الحسن رحمه الله تعالى .
قوله : ولأبي داود وابن حبان في صحيحه : المسند منه ولم يذكر التفسير الذي فسره به عوف . وقد رواه أبو داود بالتفسير المذكور بدون كلام الحسن .