اليأس من روح الله والأمن من مكر الله
 

قوله : وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - سئل عن الكبائر ، فقال : الشرك بالله ، واليأس من روح الله ، والأمن من مكر الله - .
هذا الحديث رواه البزار وابن أبي حاتم من طريق شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس ورجاله ثقات إلا شبيب بن بشر . فقال ابن معين : ثقة . ولينه أبو حاتم . وقال ابن كثير : في إسناده نظر . والأشبه أن يكون موقوفاً .
قوله : الشرك بالله هو أكبر الكبائر . قال ابن القيم رحمه الله : الشرك بالله هضم للربوبية وتنقص للإلهية ، وسوء ظن برب العالمين . انتهى .
ولقد صدق ونصح . قال تعالى : # 6 : 1 # - ثم الذين كفروا بربهم يعدلون - وقال تعالى : # 31 : 13 # - إن الشرك لظلم عظيم - ولهذا لا يغفره الله إلا بالتوبة منه .
قوله : واليأس من روح الله أي قطع الرجاء الأول والأمل من الله فيما يخافه ويرجوه ، وذلك إساءة ظن بالله ، وجهل به وبسعة رحمته وجوده ومغفرته .
قوله : والأمن من مكر الله أي من استدراجه للعبد وسلبه ما أعطاه من الإيمان ، نعوذ بالله من ذلك . وذلك جهل بالله وبقدرته ، وثقة بالنفس وعجب بها .
واعلم أن هذا الحديث لم يرد به حصر الكبائر في الثلاث ، بل الكبائر كثير وهذه الثلاث من أكبر الكبائر المذكورة في الكتاب والسنة ، وضابطها ما قاله المحققون من العلماء : كل ذنب ختمه الله بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب . زاد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : أو نفى الإيمان .
قلت : ومن برىء منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو قال : - ليس منا من فعل كذا وكذا - .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع ، غير أنه لا كبيرة مع الإستغفار ولا صغيرة مع الإصرار
قوله : وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : - أكبر الكبائر الإشراك بالله . والأمن من مكر الله ، والقنوط من رحمة الله ، واليأس من روح الله - رواه عبد الرزاق .
ورواه ابن جرير بأسانيد صحاح عن ابن مسعود رضي الله عنه .
قوله : والقنوط من رحمة الله قال أبو السعادات : هو أشد اليأس .
وفيه التنبيه على الرجاء والخوف ، فإذا خاف فلا يقنط ولا ييأس ، بل يرجو رحمة الله . وكان السلف يستحبون أن يقوى في الصحة الخوف ، وفي المرض الرجاء . وهذه طريقة أبي سليمان الداراني وغيره . قال : ينبغي للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف، فإذا غلب الرجاء الخوف فسد القلب . قال تعالى : # 14 : 12 # - إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير - وقال : # 14 : 37 # - يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار - قال تعالى : # 23 : 60 # - والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون * أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون - وقال تعالى : # 39 : 9 # - أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه - الآية . قدم الحذر على الرجاء في هذه الآية .