معنى قول الله - ومن يؤمن بالله يهد قلبه
 

قوله : - ومن يؤمن بالله يهد قلبه - قال ابن عباس في قوله : - إلا بإذن الله - إلا بأمر الله يعني عن قدره ومشيئته - ومن يؤمن بالله يهد قلبه - أي من صابته مصيبة فعلم أنها بقدر الله فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله هدى الله قلبه وعوضه عما فاته من الدنيا هدى في قلبه ، ويقيناً صادقاً . وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه .
قوله : - والله بكل شيء عليم - تنبيه على أن ذلك إنما يصدر عن علمه المتضمن لحكمته . وذلك يوجب الصبر والرضا .
قوله : قال علقمة : هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم .
هذا الأثر رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .
وعلقمة : هو قيس بن عبد الله النخعي الكوفي . ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وسمع من أبي بكر وعثمان وعلي وسعد وابن مسعود وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم . وهو من كبار التابعين وأجلائهم وعلمائهم وثقاتهم مات بعد الستين .
قوله : هو الرجل تصيبه المصيبة إلخ . هذا الأثر رواه الأعمش عن أبي ظبيان . قال : كنا عند علقمة فقرىء عليه هذه الآية : - ومن يؤمن بالله يهد قلبه - قال هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم . هذا سياق ابن جرير . وفي هذا دليل على أن الأعمال من مسمى الإيمان . قال سعيد بن جبير : - ومن يؤمن بالله يهد قلبه - يعني يسترجع . يقول إنا لله وإنا إليه راجعون . وفي الآية بيان أن الصبر سبب لهداية القلب وأنها من ثواب الصابرين .
قوله : وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : - اثنتان في الناس هما بهم كفر : الطعن في النسب ، والنياحة على الميت - .
أي هما بالناس كفر حيث كانتا من أعمال الجاهلية ، وهما قائمتان بالناس ولا يسلم منهما إلا من سلمه الله تعالى ورزقه علماً وإيماناً يستضيء به . لكن ليس من قام بشعبة من شعب الكفر يصير كافراً كالكفر المطلق . كما أنه ليس من قام به شبعة من شعب الإيمان يصير مؤمناً الإيمان المطلق . وفرق بين الكفر المعرف باللام كما في قوله : - ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة - وبين كفر منكر في الإثبات .
قوله : الطعن في النسب أي عيبه ، يدخل فيه أن يقال : هذا ليس ابن فلان مع ثبوت نسبه .
قوله : والنياحة على الميت أي رفع الصوت بالندب وتعداد فضائل الميت ، لما فيه من التسخط على القدر المنافي للصبر ، كقول النائحة : واعضداه ، واناصراه ، ونحو ذلك . وفيه دليل على أن الصبر واجب ، وأن الكفر ما لا ينقل عن الملة .