يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها
 

قوله : باب
قول الله تعالى : # 16 : 83 # - يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون - .
ذكر المصنف رحمه الله ما ذكر بعض العلماء في معناها . وقال ابن جرير : فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنى بالنعمة . فذكر عن سفيان عن السدى : - يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها - قال : محمد صلى الله عليه وسلم وقال آخرون بل معنى ذلك أنهم يعرفون أن ما عدد الله تعالى ذكره في هذه السورة من النعم من عند الله ، وأن الله هو المنعم عليهم بذلك ، ولكنهم ينكرون ذلك ، فيزعمون أنهم ورثوه عن آبائهم .
وأخرج عن مجاهد : - يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها - ، قال : هي المساكن والأنعام وما يرزقون منها والسرابيل من الحديد والثياب ، تعرف هذا كفار قريش ثم تنكره ، بأن تقول : هذا كان لآبائنا فورثونا إياه وقال آخرون : معنى ذلك أن الكفار إذا قيل لهم من : رزقكم ؟ أقروا بأن الله هو الذي يرزقهم ثم ينكرونه بقولهم : رزقنا ذلك شفاعة آلهتنا .
وذكر المصنف مثل هذا عن ابن قتيبة وهو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري قاضي مصر النحوي اللغوي ، صاحب المصنفات البديعة المفيدة المحتوية على علوم جمة ، اشتغل ببغداد وسمع الحديث على إسحاق بن راهوية وطبقته . توفي سنة ست وسبعين ومائتين .
وقال آخرون : ما ذكره المصنف عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله الكوفي الزاهد عن أبيه وعائشة وابن عباس وعنه قتادة وأبو الزبير والزهري ، وثقة أحمد وابن معين قال البخاري : مات بعد العشرين ومائة - يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها - قال : إنكارهم إياها أن يقول الرجل : لولا فلان ما كان كذا وكذا ، ولولا فلان ما أصبت كذا وكذا وإختار ابن جرير القول الأول ، واختار غيره أن الآية تعم ما ذكره العلماء في معناها . وهو الصواب والله أعلم .
قوله : قال مجاهد هو شيخ التفسير : الإمام الرباني ، مجاهد بن جبر المكي مولى بني مخزوم . قال الفضل بن ميمون : سمعت مجاهداً يقول عرضت المصحف على ابن عباس مرات ، أقفه عند كل آية وأسأله : فيم نزلت ؟ وكيف نزلت ؟ وكيف معناها ؟ توفي سنة اثنتين ومائة . وله ثلاث وثمانون سنة رحمه الله .
قوله : وقال أبو العباس هو شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الإمام الجليل رحمه الله ـ بعد حديث زيد بن خالد ـ وقد تقدم في باب ما جاء في الإستسقاء بالأنواء . قال : وهذا كثير في الكتاب والسنة ، يذم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره ويشرك به . قال بعض السلف هو كقولهم : كانت الريح طيبة ، والملاح حاذقاً . نحو ذلك مما هو جار على ألسنة كثير . ا هـ .
وكلام شيخ الإسلام يدل على أن حكم هذه الآية عام فيمن نسب النعم إلى غير الله الذي أنعم بها ، وأسند أسبابها إلى غيره ، كما هو مذكور في كلام المفسرين المذكور بعضه هنا .
قال شيخنا رحمه الله : وفيه اجتماع الضدين في القلب ، وتسمية هذا الكلام إنكاراً للنعمة .