باب ما جاء فيمن لم يقنع بالحلف بالله والنهي عن الحلف بالآباء
 

قوله : باب
( ما جاء فيمن لم يقنع بالحلف بالله )
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : - لا تحلفوا بآبائكم . من حلف بالله فليصدق . ومن حلف له بالله فليرض . ومن لم يرض فليس من الله - رواه ابن ماجه بسند حسن .
قوله : لا تحلفوا بآباكم تقدم النهي عن الحلف بغير الله عموماً .
قوله : من حلف بالله فليصدق هذا مما أوجبه الله على عباده وحضهم عليه في كتابه . قال تعالى : # 9 : 119 # - يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين - وقال : # 33 : 35 # - والصادقين والصادقات - وقال : # 47 : 21 # - فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم - وهو حال أهل البر ، كما قال تعالى : # 2 : 177 # - ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين - ـ إلى قوله ـ - أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون - .
وقوله : من حلف فليرض ، ومن لم يرض فليس من الله أما إذا لم يكن له بحكم الشريعة على خصمه إلا اليمين فأحلفه فلا ريب أنه يجب عليه الرضا . وأما إذا كان فيما يجري بين الناس مما قد يقع في الاعتذارات من بعضهم لبعض ونحو ذلك . فهذا من حق المسلم على المسلم : أن يقبل منه إذا حلف له معتذراً أو متبرئاً من تهمة ومن حقه عليه : أن يحسن به الظن إذا لم يتبين خلافه ، كما في الأثر عن عمر رضي الله عنه : ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً .
وفيه : من التواضع والألفة والمحبة وغير ذلك من المصالح التي يحبها الله ما لا يخفى على من له فهم . وذلك من أسباب اجتماع القلوب على طاعة الله ، ثم إنه يدخل في حسن الخلق الذي هو أثقل ما يوضع في ميزان العبد ، كما في الحديث وهو من مكارم الأخلاق .
فتأمل أيها الناصح لنفسه ما يصلحك مع الله تعالى : من القيام بحقوقه وحقوق عباده ، وإدخال السرور على المسلمين ، وترك الانقباض عنهم والترفع عليهم . فإن فيه من الضرر ما لا يخطر بالبال ولا يدور بالخيال . وبسط هذه الأمور وذكر ما ورد فيها مذكور في كتب الأدب وغيرها . فمن رزق ذلك والعمل بما ينبغي العمل به من وترك ما يجب تركه من ذلك ، دل على وفور دينه ، وكمال عقله . والله الموفق لعبده الضعيف المسكين . والله أعلم .