معنى يلحدون في أسمائه
 

وقال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى : - وذروا الذين يلحدون في أسمائه - قال : إلحاد الملحدين : أن دعوا اللات في أسماء الله وقال ابن جريج عن مجاهد : - وذروا الذين يلحدون في أسمائه - قال : اشتقوا اللات من الله . واشتقوا العزى من العزيز .
وقال قتادة : يلحدون : يشركون وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس الإلحاد التكذيب .
وأصل الإلحاد في كلام العرب : العدول عن القصد . والميل والجور والإنحراف . ومنه اللحد في القبر . لانحرافه إلى جهة القبلة عن سمت الحفر .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
وحقيقة الإلحاد فيها الميل بالإشـ ـراك والتعطيل والنكران
وقال رحمه الله تعالى : فالإلحاد إما بجحدها وإنكارها . وإما بجحد معانيها وتعطيلها وإما بتحريفها عن الصواب وإخراجها عن الحق بالتأويلات . وإما أن يجعلها أسماء لهذه المخلوقات كإلحاد أهل الاتحاد . فإنهم جعلوها أسماء هذا الكون محمودها ومذمومها . حتى قال زعيمهم : هو المسمى بمعنى كل اسم ممدوح عقلاً وشرعاً وعرفاً . وبكل اسم مذموم عقلاً وشرعاً وعرفاً . تعالى عما يقولون علواً كبيراً ، انتهى .
قتل : والذي عليه أهل السنة والجماعة قاطبة . متقدمهم ومتأخرهم : إثبات الصفات التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يليق بجلال الله وعظمته . إثباتاً بلا تمثيل . وتنزيهاً بلا تعطيل . كما قال تعالى : # 42 : 11 # - ليس كمثله شيء وهو السميع البصير - وأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات يحتذى حذوه ومثاله . فكما أنه يجب العلم بأن الله ذاتاً حقيقة لا تشبه شيئاً من ذوات المخلوقين ، فله صفات حقيقة لا تشبه شيئاً من صفات المخلوقين ، فمن جحد شيئاً مما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله ، أو تأوله على غير ما ظهر من معناه فهو جهمي قد اتبع غير سبيل المؤمنين . كما قال تعالى : # 4 : 115 # - ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً - .
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى أيضاً :
( فائدة جليلة )
ما يجري صفة أو خبراً على الرب تبارك وتعالى أقسام :
أحدها : ما يرجع إلى نفس الذات ، كقولك : ذات وموجود .
الثاني : ما يرجع صفاته ونعوته ، كالعليم والقدير ، والسميع والبصير .
الثالث : ما يرجع إلى أفعاله . كالخالق والرازق .
الرابع : التنزيه المحض . ولا بد من تضمنه ثبوتاً ، إذا لا كمال في العدم المحض ، كالقدوس والسلام .
الخامس : ـ ولم يذكره أكثر الناس ـ وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة لا تختص بصفة معينة ، بل دال على معان ، نحو المجيد العظيم الصمد . فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة ، من صفات الكمال ، ولفظه يدل على هذا . فإنه موضوع للسعة والزيادة والكثرة ، فمنه استمجد المرخ والعفار وأمجد الناقة ، علفها . ومنه رب العرش المجيد صفة العرش لسعته وعظمته وشرفه . وتأمل كيف جاء هذا الاسم مقترناً بطلب الصلاة من الله على رسوله كما علمناه صلى الله عليه وسلم لأنه في مقام طلب المزيد والتعرض لسعة العطاء ، وكثرته ودوامه . فأتى في هذا المطلوب باسم يقتضيه ، كما تقول : اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ، فهو راجع إلى التوسل إليه بأسمائه وصفاته . وهو من أقرب الوسائل وأحبها إليه . ومنه الحديث الذي في الترمذي : - ألظوا بياذا الجلال والإكرام - ومنه : - اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام - فهذا سؤال له وتوسل إليه بحمده وأنه لا إله إلا هو المنان . فهو توسل إليه بأسمائه وصفاته . وما أحق ذلك بالإجابة وأعظمه موقعاً عند المسؤول . وهذا باب عظيم من أبواب التوحيد .
السادس : صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر . وذكل قدر زائد على مفرديهما نحو الغني الحميد ، الغفور القدير ، الحميد المجيد ، وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن . فإن الغني صفة كمال و الحمد كذلك ، واجتماع الغني مع الحمد كمال آخر ، فله ثناء من غناه من حمده ، وثناء من اجتماعهما ، وكذلك الغفور القدير ، والحميد المجيد ، والعزيز الحكيم ، فتأمله فإنه أشرف المعارف .