لا يرد من سأل الله
 

قوله : باب
( لا يرد من سأل بالله )
ظاهر الحديث النهي عن رد السائل إذا سأل بالله . لكن هذا العموم يحتاج إلى تفصيل بحسب ما ورد في الكتاب والسنة ، فيجب إذا سأل السائل ما له فيه حق كبيت المال أن يجاب فيعطى منه على قدر حاجته وما يستحقه وجوباً ، وكذلك إذا سأل المحتاج من في ماله فضل فيجب أن يعطيه على حسب حاله ومسألته ، خصوصاً إذا سأل من لا فضل عنده ، فيستحب أن يعطيه على قدر حال المسؤول ما لا يضر به ولا يضر عائلته ، وإن كان مضطراً وجب أن يعطيه ما يدفع ضرورته .
ومقام الإنفاق من أشرف مقامات الدين ، وتفاوت الناس فيه بحسب ما جبلوا عليه من الكرم وضدهما من البخل والشح . فالأول : محمود في الكتاب والسنة . والثاني : مذموم فيهما . وقد حث الله تعالى عباده على الإنفاق لعظم نفعه وتعديه وكثرة ثوابه . قال الله تعالى : # 2 : 267 ، 268 # - يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد * الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم - وقال تعالى : # 55 : 7 # - وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه - وذلك الإنفاق من خصال البر المذكورة في قوله تعالى : # 2 : 177 # - ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين - الآية فذكره بعد ذكر أصول الإيمان وقبل ذكر الصلاة . ذلك ـ والله أعلم ـ لتعدي نفعه . وذكره تعالى في الأعمال التي أمر الله بها عباده . وتعبدهم بها ووعدهم عليها الأجر العظيم . قال تعالى : # 33 : 35 # - إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما - .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على الصدقة حتى النساء . نصحاً للأمة وحثاً لهم على ما ينفعهم عاجلاً وآجلاً . وقد أثنى الله سبحانه على الأنصار رضي الله عنهم بالإيثار ، فقال تعالى : # 59 : 9 # - ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون - والإيثار من أفضل خصال المؤمن كما تفيده هذه الآية الكريمة ، وقد قال تعالى: # 76 : 8، 9 # - ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا - .
والآيات والأحاديث في فضل الصدقة كثيرة جداً ، ومن كان سعيه للآخرة رغب في هذا ورغب ، بالله التوفيق .
قوله : من دعاكم فأجيبوه هذا من حقوق المسلمين بعضهم على بعض : إجابة دعوة المسلم ، وتلك من أسباب الألفة والمحبة بين المسلمين .