ما جاء في المصورين
 

قوله : باب
( ما جاء في المصورين )
أي من عظيم عقوبة الله لهم وعذابه .
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم العلة : وهي المضاهاة بخلق الله ، لأن الله تعالى له الخلق والأمر ، فهو رب كل شئ ومليكه، وهو خالق كل شئ وهو الذي صور جميع الخلوقات ، وجعل فيها الأرواح التي تحصل بها الحياة ، كما قال تعالى : # 32 : 7 # - الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين * ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين * ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون - فالمصور لما صور الصورة على شكل ما خلقه الله تعالى من إنسان وبهيمة صار مضاهئاً لخلق الله . فصار ما صوره عذاباً له يوم القيامة ، وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ . فكان أشد الناس عذاباً ، لأن ذنبه من أكبر الذنوب .
فإن كان هذا فيمن صور صورة على مثال ما خلقه الله تعالى من الحيوان ، فكيف بحال من سوى المخلوق برب العالمين وشبهه بخلقه ، وصرف له شيئاً من العبادة التي ما خلق الله الخلق إلا ليعبدوه وحده بما لا يستحقه غيره من كل عمل يحبه الله من العبد ويرضاه . فتسوية المخلوق بالخالق بصرف حقه لمن لا يستحقه من خلقه ، وجعله شريكاً له فيما اختص به تعالى وتقدس ، وهو أعظم ذنب عصى الله تعالى به . ولهذا أرسل رسله وأنزل كتبه لبيان هذا الشرك والنهي عنه ، وإخلاص العبادة بجميع أنواعها لله تعالى . فنجى الله تعالى رسله ومن أطاعهم . وأهلك من جهل التوحيد ، واستمر على الشرك والتنديد ، فما أعظمه من ذنب: # 4 : 48 : 116 # - إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء - # 22 : 41 # - ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق - .