حديث الأوعال الذي رواه العباس
 

قوله : عن العباس بن عبد المطلب ساقه المصنف رحمه الله مختصراً ، والذي في سنن أبي داود : عن العباس بن عبد المطلب قال : كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمرت بهم سحابة فنظر إليها فقال :- ما تسمون هذه؟ قالوا : السحاب قال : والمزن قالوا : والمزن . قال : والعنان قالوا : والعنان ـ قال أبو داود : لم أتقن العنان جيداً ـ قال : هل تدرون ما بعد ما بين السماوات والأرض ؟ قالوا : لا ندري قال : إن بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة ، ثم السماء التي فوقها كذلك ، حتى عد سبع سماوات ، ثم فوق السابعة بحر بين أسلفه وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال ، بين أظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم على ظهورهم العرش بين أسلفه وأعلاه كما بين سماء إلى سماء ، ثم الله تعالى فوق ذلك - وأخرجه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي : حسن غريب .
وقال الحافظ الذهبي : رواه أبو داود بإسناد حسن وروى الترمذي نحوه من حديث أبي هريرة وفيه : ما بين سماء إلى سماء خمسمائة عام ولا منافاة بينهما . لأن تقدير ذلك بخمسمائة عام هو على سير القافلة مثلاً ، ونيف وسبعون سنة على سير البريد ، لأنه يصح أن يقال : بيننا وبين مصر عشرون يوماً باعتبار سير العادة ، وثلاثة أيام باعتبار سير البريد . وروى شريك بعض هذا الحديث عن سماك فوقفه . هذا آخر كلامه .
قلت : فيه التصريح بأن الله فوق عرشه كما تقدم في الآيات المحكمات ، والأحاديث الصحيحة وفي كلام السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم ، وهذا الحديث له شواهد في الصحيحين وغيرهما ، ولا عبرة بقول من ضعفه لكثرة شواهده التي يستحيل دفعها وصرفها عن ظواهرها .
وهذا الحديث كأمثاله يدل على عظمة الله وكماله وعظم مخلوقاته ، وأنه المتصف بصفات الكمال التي وصف بها نفسه في كتابه ووصفه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى كمال قدرته وأنه هو المعبود وحده لا شريك له دون كل ما سواه .

وبالله التوفيق ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . تم كتاب ( فتح المجيد ) بعون الله الحميد .