( باب النهى عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط فى تحملها )
 
[ 6 ] فيه من الاسماء أبو هانئ هو بهمز آخره وفيه حرملة بن يحيى التجيبى هو بمثناة من فوق مضمومة على المشهور وقال صاحب المطالع بفتح أوله وضمه قال وبالضم يقوله أصحاب الحديث وكثير من الادباء قال وبعضهم لا يجيز فيه الا الفتح ويزعم أن التاء أصلية وفى باب التاء ذكره صاحب العين يعنى فتكون أصلية الا أنه قال تجيب وتجوب قبيلة يعنى قبيلة من كندة قال وبالفتح قيدته على جماعة شيوخى وعلى بن سراج وغيره وكان بن السيد البطليوسى يذهب إلى صحة الوجهين هذا كلام صاحب المطالع وقد ذكر بن فارس فى المجمل أن تجوب قبيلة من كندة وتجيب بالضم بطن لهم شرف قال وليست التاء فيهما أصلا وهذا هو الصواب الذى لا يجوز غيره وأما حكم صاحب العين بأن التاء أصل فخطأ ظاهر والله أعلم وحرملة هذا كنيته أبو حفص وقيل أبو عبد الله وهو صاحب الامام الشافعى رحمه الله وهو الذى يروى عن الشافعى كتابه المعروف
(1/76)

فى الفقه والله أعلم وأما أبو شريح الراوى عن شراحيل فاسمه عبد الرحمن بن شريح بن عبيد الله الاسكندرانى المصرى وكانت له عبادة وفضل وشراحيل بفتح الشين غير مصروف وأما قول مسلم وحدثنى أبو سعيد الاشج قال حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن المسيب بن رافع عن عامر بن عبدة قال قال عبد الله فهذا اسناد اجتمع فيه طرفتان من لطائف الاسناد احداهما ان اسناده كوفى كله والثانية أن فيه ثلاثة تابعيين يروى بعضهم عن بعض وهم الاعمش والمسيب وعامر وهذه فائدة نفيسة قل أن يجتمع فى اسناد هاتان اللطيفتان فأما عبد الله الذى يروي عنه عامر بن عبدة فهو بن مسعود الصحابى أبو عبد الرحمن الكوفى وأما أبو سعيد الاشج شيخ مسلم فاسمه عبد الله بن سعيد بن حصين الكندى الكوفى قال أبو حاتم أبو سعيد الاشج امام أهل زمانه وأما المسيب بن رافع فبفتح الياء بلا خلاف كذا قال القاضي عياض فى المشارق وصاحب المطالع أنه لاخلاف فى فتح يائه بخلاف سعيد بن المسيب فانهم اختلفوا فى فتح يائه وكسرها كما سيأتى فى موضعه ان شاء الله تعالى وأما عامر بن عبدة فآخره هاء وهو بفتح الباء واسكانها وجهان أشهرهما وأصحهما الفتح قال القاضي عياض روينا فتحها عن على بن المدينى ويحيى بن معين وأبى مسلم المستملى قال وهو الذى ذكره عبد الغنى فى كتابه وكذا رأيته فى تاريخ البخارى قال وروينا الاسكان عن أحمد بن حنبل وغيره وبالوجهين ذكره الدارقطنى وبن ماكولا والفتح أشهر قال القاضي وأكثر الرواة يقولون عبد بغير هاء والصواب اثباتها وهو قول الحفاظ أحمد بن حنبل وعلى بن المدينى ويحيى بن معين والدارقطنى وعبد الغنى بن سعيد وغيرهم والله أعلم وفى الرواية الاخرى عن بن طاوس عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاصى فأما بن طاوس فهو عبد الله الزاهد الصالح بن الزاهد الصالح وأما العاصى فأكثر ما يأتى فى كتب الحديث والفقه ونحوها بحذف الياء وهى لغة والفصيح الصحيح العاصى باثبات الياء وكذلك شداد بن الهادى وبن أبى الموالي فالفصيح الصحيح فى كل ذلك وما أشبهه اثبات الياء ولا اغترار بوجوده فى كتب الحديث أو أكثرها بحذفها والله أعلم ومن طرف أحوال عبد الله بن عمرو بن العاصى أنه ليس بينه وبين أبيه فى الولادة الا احدى عشرة سنة وقيل اثنتا عشرة وأما سعيد بن عمرو الاشعثى فبالثاء المثلثة منسوب إلى جده وهو سعيد بن عمرو بن سهل بن إسحاق بن محمد بن الاشعث بن قيس الكندى أبو عمرو الكوفى وأما هشام بن
(1/77)

حجير فبضم الحاء وبعدها جيم مفتوحة وهشام هذا مكى وأما بشير بن كعب فبضم الموحدة وفتح المعجمة وأما أبو عامر العقدى فبفتح العين والقاف منسوب إلى العقد قبيلة معروفة من بجيلة وقيل من قيس وهم من الأزد وذكر أبو الشيخ الامام الحافظ عن هارون بن سليمان قال سموا العقد لأنهم كانوا أهل بيت لئاما فسموا عقدا واسم أبى عامر عبد الملك بن عمرو بن قيس البصرى قيل انه مولى للعقديين أما رباح الذى يروى عنه العقدى فهو بفتح الراء وبالموحدة وهو رباح بن أبى معروف وقد قدمنا فى الفصول أن كل ما فى الصحيحين على هذه الصورة فرباح بالموحدة الا زياد بن رباح أبا قيس الراوى عن أبى هريرة فى أشراط الساعة فبالمثناة وقاله البخارى بالوجهين وأما نافع بن عمر الراوى عن بن أبى مليكة فهو القرشى الجمحى المكى وأما بن أبى مليكة فاسمه عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة واسم أبى مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمي المكى أبو بكر تولى القضاء والاذان لابن الزبير رضى الله عنهم وأما قول مسلم حدثنا حسن بن على الحلوانى حدثنا يحيى بن آدم حدثنا بن ادريس عن الاعمش عن أبى إسحاق فهو اسناد كوفى كله الا الحلوانى فأما الاعمش سليمان بن مهران أبو محمد التابعى وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعى التابعى فتقدم ذكرهما وأما بن ادريس الراوى عن الاعمش فهو عبد الله بن ادريس بن يزيد الاودى
(1/78)

الكوفى أبو محمد المتفق على امامته وجلالته واتقانه وفضيلته وورعه وعبادته روينا عنه أنه قال لبنته حين بكت عند حضور موته لا تبكى فقد ختمت القرآن فى هذا البيت أربعة آلاف ختمة قال أحمد بن حنبل كان بن ادريس نسيج وحده وأما على بن خشرم فبفتح الخاء واسكان الشين المعجمتين وفتح الراء وكنيته على أبو الحسن مروزى وهو بن أخت بشر بن الحارث الحافى رضى الله عنهما وأما أبو بكر بن عياش فهو الامام المجمع على فضله واختلف فى اسمه فقال المحققون الصحيح أن اسمه كنيته لا اسم له غيرها وقيل اسمه محمد وقيل عبد الله وقيل سالم وقيل شعبة وقيل رؤبة وقيل مسلم وقيل خداش وقيل مطرف وقيل حماد وقيل حبيب وروينا عن ابنه ابراهيم قال قال لى أبى ان أباك لم يأت فاحشة قط وانه يختم القرآن منذ ثلاثين سنة كل يوم مرة وروينا عنه أنه قال لابنه يا بنى اياك أن تعصى الله فى هذه الغرفة فانى ختمت فيها اثنى عشر ألف ختمة وروينا عنه أنه قال لبنته عند موته وقد بكت يا بنية لا تبكى أتخافين أن يعذبنى الله تعالى وقد ختمت فى هذه الزاوية أربعة وعشرين ألف ختمة هذا ما يتعلق بأسماء هذا الباب ولا ينبغى لمطالعه أن ينكر هذه الاحرف فى أحوال هؤلاء الذين تستنزل الرحمة بذكرهم مستطيلا لها فذلك من علامة عدم فلاحه ان دام عليه والله يوفقنا لطاعته بفضله ومنته أما لغات الباب فالدجالون جمع دجال قال ثعلب كل كذاب فهو دجال وقيل الدجال المموه يقال دجل فلان اذا موه ودجل الحق بباطله اذا غطاه وحكى بن فارس هذا الثانى عن ثعلب أيضا
(1/79)

قوله ( يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا ) معناه تقرأ شيأ ليس بقرآن وتقول انه قرآن لتغر به عوام الناس فلا يغترون وقوله يوشك هو بضم الياء وكسر الشين معناه يقرب ويستعمل أيضا ماضيا فيقال أوشك كذا أى قرب ولا يقبل قول من أنكره من أهل اللغة فقال لم يستعمل ماضيا فان هذا نفى يعارضه اثبات غيره والسماع وهما مقدمان على نفيه وأما قول بن عباس رضى الله عنهما ( فلما ركب الناس الصعب والذلول ) وفى الرواية الأخرى ركبتم كل صعب وذلول فهيهات فهو مثال حسن وأصل الصعب والذلول فى الابل فالصعب العسر المرغوب عنه والذلول السهل الطيب المحبوب المرغوب فيه فالمعنى سلك الناس كل مسلك مما يحمد ويذم وقوله فهيهات أى بعدت استقامتكم أو بعد أن نثق بحديثكم وهيهات موضوعة لاستبعاد الشيء واليأس منه قال الامام أبو الحسن الواحدى هيهات اسم سمى به الفعل وهو بعد فى الخبر لا فى الأمر قال ومعنى هيهات بعد وليس له اشتقاق لأنه بمنزلة الأصوات قال وفيه زيادة معنى ليست فى بعد وهو أن المتكلم يخبر عن اعتقاده استبعاد ذلك الذى يخبر عن بعده فكأنه بمنزلة قوله بعد جدا وما أبعده لا على أن يعلم المخاطب مكان ذلك الشيء فى البعد ففى هيهات زيادة على بعد وان كنا نفسره به ويقال هيهات ما قلت وهيهات لما قلت
(1/80)

وهيهات لك وهيهات انت قال الواحدي وفي معنى هيهات ثلاثة أقوال أحدها أنه بمنزلة بعد كما ذكرناه أولا وهو قول أبى علي الفارسي وغيره من حذاق النحويين والثانى بمنزلة بعيد وهو قول الفراء والثالث بمنزلة البعد وهو قول الزجاج وبن الأنبارى فالأول نجعله بمنزلة الفعل والثانى بمنزلة الصفة والثالث بمنزلة المصدر وفي هيهات ثلاث عشرة لغة ذكرهن الواحدى هيهات بفتح التاء وكسرها وضمها مع التنوين فيهن وبحذفه فهذه ست لغات وايهات بالألف بدل الهاء الأولى وفيها اللغات الست أيضا والثالثة عشرة أيها بحذف التاء من غير تنوين وزاد غير الواحدى أيئات بهمزتين بدل الهاءين والفصيح المستعمل من هذه اللغات استعمالا فاشيا هيهات بفتح التاء بلا تنوين قال الازهرى واتفق أهل اللغة على أن تاء هيهات ليست أصلية واختلفوا في الوقف عليها فقال أبو عمرو والكسائى يوقف بالهاء وقال الفراء بالتاء وقد بسطت الكلام في هيهات وتحقيق ما قيل فيها في تهذيب الاسماء واللغات وأشرت هنا إلى مقاصده والله اعلم وأما قوله ( فجعل بن عباس لا يأذن لحديثه ) فبفتح الذال أى لا يستمع ولا يضغى ومنه سميت الأذن وقوله ( انا كنا
(1/81)

مرة ) أى وقتا ويعنى به قبل ظهور الكذب وأما قول بن أبى مليكة ( كتبت إلى بن عباس رضى الله عنهما أسأله أن يكتب لي كتابا ويخفى عنى فقال ولد ناصح أنا أختار له الأمور اختيارا وأخفى عنه قال فدعا بقضاء على رضى الله عنه فجعل يكتب منه أشياء ويمر بالشيء فيقول والله ما قضى بهذا على الا أن يكون ضل ) فهذا مما اختلف العلماء في ضبطه فقال القاضي عياض رحمه الله ضبطنا هذين الحرفين وهما ويخفى عنى وأخفى عنه بالحاء المهملة فيهما عن جميع شيوخنا الا عن أبى محمد الخشنى فإنى قرأتهما عليه بالخاء المعجمة قال وكان أبو بحر يحكى لنا عن شيخه القاضي أبى الوليد الكنانى أن صوابه بالمعجمة قال القاضي عياض رحمه الله ويظهر لى ان رواية الجماعة هي الصواب وأن معنى أحفى أنقص من احفاء الشوارب وهو جزها أى امسك عنى من حديثك ولا تكثر على أو يكون الاحفاء الالحاح أو الاستقصاء ويكون عنى بمعنى على اي استقصى ما تحدثنى هذا كلام القاضي عياض رحمه الله وذكر صاحب مطالع الأنوار قول القاضي ثم قال وفي هذا نظر قال وعندى أنه بمعنى المبالغة في البر بة والنصيحة له من قوله تعالى وكان بى حفيا أى أبالغ له وأستقصى في النصيحة له والاختيار فيما ألقى إليه من صحيح الآثار وقال الشيخ الامام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله هما بالخاء المعجمة أي يكتم عنى اشياء ولا يكتبها اذا كان عليه فيها مقال من الشيع المختلفة وأهل الفتن فانه اذا كتبها ظهرت واذا ظهرت خولف فيها وحصل فيها قال وقيل مع أنها ليست مما يلزم بيانها لابن أبى مليكه وان لزم فهو ممكن بالمشافهة دون المكاتبة قال وقوله ولد ناصح مشعر بما ذكرته وقوله أنا أختار له وأخفى عنه اخبار منه
(1/82)

باجابته إلى ذلك ثم حكى الشيخ الرواية التي ذكرها القاضي عياض ورجحها وقال هذا تكلف ليست به رواية متصلة نضطر إلى قبوله هذا كلام الشيخ أبو عمرو وهذا الذي اختاره من الخاء المعجمة هو الصحيح وهو الموجود في معظم الاصول الموجودة بهذه البلاد والله اعلم وأما قوله والله ما قضى على بهذا الا أن يكون ضل فمعناه ما يقضى بهذا الا ضال ولا يقضي به على أن لا يعرف أنه ضل وقد علم أنه لم يضل فيعمل أنه لم يقض به والله اعلم وقوله في الرواية الأخرى ( فمحاه الاقدر وأشار سفيان بن عيينة بذراعه ) قدر منصور غير منون معناه محاه الاقدر ذراع والظاهر أن هذا الكتاب كان درجا مستطيلا والله اعلم وأما قوله ( قاتلهم الله أى علم أفسدوا ) فأشار بذلك إلى ما أدخلته الروافض والشيعة في علم على رضى الله عنه وحديثه وتقولوه عليه من الاباطيل وأضافوه إليه من الروايات والاقاويل المفتعلة والمختلقة وخلطوه بالحق فلم يتميز ما هو صحيح عنه مما اختلقوه وأما قوله قاتلهم الله فقال القاضي معناه لعنهم الله وقيل باعدهم وقيل قتلهم قال وهؤلاء استوجبوا عنده ذلك لشناعة ما أتوه كما فعله كثير منهم والا فلعنة المسلم غير جائزة وأما قول المغيرة ( لم يكن بصدق على على الا من أصحاب عبد الله بن مسعود ) فهكذا هو في الاصول الا من أصحاب فيجوز في من وجهان أحدهما أنها لبيان الجنس والثانى أنها زائدة وقوله يصدق ضبط على وجهين أحدهما بفتح الياء واسكان الصاد وضم
(1/83)

الدال والثانى بضم الياء وفتح الصاد والدال المشددة والمغيرة هذا هو بن مقسم الضبى أبو هشام وقد تقدم أن المغيرة بضم الميم وكسرها والله اعلم أما أحكام الباب فحاصلها أنه لا يقبل رواية المجهول وأنه يجب الاحتياط في أخذ الحديث فلا يقبل الا من أهله وأنه لا ينبغى أن يروى عن الضعفاء والله سبحانه وتعالى اعلم